أمس، وأعجبنى أمس، وأنشدوا على هذه اللغة:
لقد رأيت عجبا مذ أمسا … عجائزا مثل السّعالى قعسا (¬1)
القعس: دخول العنق فى الصّدر (¬2).
ومن بناه من العرب فنكّره أو أضافه أو أدخل عليه الألف واللام، أعربه، فقال: ربّ أمس معجب لنا، وما كان أطيب أمسنا، وأمسنا أعجبنى، وإن الأمس راقنى، قال نصيب (¬3):
وأنّى ظللت اليوم والأمس (¬4) … قبله
ببابك حتّى كادت الشمس تغرب
وإنما استحقّ الإعراب فى هذه الأحوال الثّلاث لزوال تضمّنه معنى لام التعريف.
وأما «الآن» فقد اختلف فيه، فقال سيبويه وأبو الحسن الأخفش وأبو عمر
¬_________
(¬1) الكتاب 3/ 285، والنوادر ص 257، والجمل المنسوب للخليل ص 182، والإفصاح ص 237، وشرح المفصل 4/ 106،107، والبسيط ص 483، وشرح الجمل 2/ 401، وأوضح المسالك 4/ 132، والخزانة 7/ 167، وغير ذلك مما تراه فى حواشى المحققين. وهذا الرجز ينسب فى بعض الكتب إلى العجاج، ولم أجده فى ديوانه المطبوع بتحقيق الدكتور عزة حسن. وحكى البغدادىّ فى الخزانة 7/ 173، عن ابن المستوفى، قال: «وجدت هذه الأبيات الثمانية فى كتاب نحو قديم للعجّاج أبى رؤبة، وأراه بعيدا من نمطه».
(¬2) قال الأصمعىّ: «هو دخول الظهر وخروج البطن» خلق الإنسان (الكنز اللغوى) ص 211، وهو نقيض الحدب. راجع خلق الإنسان لثابت ص 241، واللسان (قعس).
(¬3) شعره ص 62، وتخريجه فى 166، وزد عليه الخصائص 1/ 394،3/ 57، والمحتسب 2/ 190، وما فى معجم الشواهد ص 37. وقوله: «وأنى» يضبط بفتح الهمزة، لأنه معطوف على «أننى» في بيت سابق.
(¬4) قال ابن جنى: رواه ابن الأعرابى: والأمس والأمس، جرّا ونصبا. فمن نصبه فلأنه لمّا عرّفه باللام الظاهرة، وأزال عنه تضمّنه إيّاها أعربه، والفتحة فيه نصبة الظرف، كقولك: أنا آتيك اليوم وغدا. وأمّا من جرّه فالكسرة فيه كسرة البناء التى فى قولك: كان هذا أمس، واللام فيه زائدة، كزيادتها فى الذى والتى». راجع الموضعين المذكورين من الخصائص.