فقال: قد أظهر الشاعر المبتدأ المحذوف فى الآية.
والقول الآخر: أن قوله: {طاعَةٌ} مبتدأ، وخبره محذوف، والتقدير:
طاعة وقول معروف أمثل من غيرهما (¬1).
ويقول القائل: الهلال والله (¬2)، أى هذا الهلال، وكذلك تقول على التوقّع والانتظار: زيد والله، أى هذا زيد، واسم الإشارة الذى هو «هذا»، كثيرا ما يحذف مبتدأ، لأنّ حذفه كالنطق به، لكثرته على الألسنة، فممّا جاء حذفه فيه فى التنزيل قوله: {وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ} (¬3) أى هذا سحر، وقوله:
{كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاّ ساعَةً مِنْ نَهارٍ بَلاغٌ} (¬4) أراد: هذا بلاغ، فحذف الذى أظهره فى قوله: {هذا بَلاغٌ لِلنّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ} (¬5) ومثله: {سُورَةٌ أَنْزَلْناها} (¬6) أى هذه سورة أنزلناها.
ويقول لك القائل: من عندك؟ فتقول: زيد، أى زيد عندى، فتحذف الخبر، ويقول: من/جاءك؟ فتقول: أخوك، تريد أخوك جاءنى، قال الله سبحانه: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ} (¬7) أى الله خالقنا، وتقول: زيد
¬_________
(¬1) ذكر سيبويه القولين. الكتاب 1/ 141،2/ 136، ومعانى القرآن للزجاج 5/ 14، وإعراب القرآن للنحاس 3/ 175، وتفسير القرطبى 16/ 244.
(¬2) الأصول 1/ 68، وجاء فى معانى القرآن للأخفش ص 80 مصحفا هكذا: «الهلاك والله».
(¬3) الآية الثانية من سورة القمر.
(¬4) آخر سورة الأحقاف. وجاء فى الأصل وهـ: «كأن لم يلبثوا إلاّ ساعة من نهار بلاغ» وهو خلط بين آية الأحقاف، والآية (45) من سورة يونس، وتلاوتها: وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاّ ساعَةً مِنَ النَّهارِ يَتَعارَفُونَ بَيْنَهُمْ وقد جاء صواب الاستشهاد فى الخصائص 2/ 362، والمغنى ص 630، وسياق ابن هشام يؤذن بأنه ينقل عن ابن الشجرى، أو أن الاثنين ينقلان عن مصدر واحد.
(¬5) الآية الأخيرة من سورة إبراهيم.
(¬6) أول سورة النور.
(¬7) سورة الزخرف 87. وقيل إن المحذوف هنا الفعل، بدليل ظهوره فى الآية التاسعة من السورة نفسها: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ. وراجع المغنى ص 595،620،632 (الباب الخامس).