كتاب أمالي ابن الشجري (اسم الجزء: 2)

«من» تقع مكان «على» قال الله تعالى: {وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا} (¬1) أى على القوم.
وتكون مكان الباء، كقوله: {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ} (¬2) أى بأمر الله، ومثله {يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ} (¬3) أى بأمره، ومثله: {تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ} (¬4) أى بكلّ أمر.
«الباء» قد استعملت الباء مكان «من» فى قوله: {عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ} (¬5) أى يشرب منها، وقال عنترة (¬6):
شربت بماء الدّحرضين فأصبحت … زوراء تنفر عن حياض الدّيلم
وقال أبو ذؤيب (¬7):
شربن بماء البحر ثمّ ترفّعت … متى لجج خضر لهنّ نئيج
¬_________
(¬1) الأنبياء 77، وانظر تأويل المشكل ص 577، والأزهية ص 293، هنا وفى الآيات التالية.
(¬2) سورة الرعد 11، وانظر تأويل المشكل ص 574، هنا والآيتين التاليتين.
(¬3) سورة غافر 15.
(¬4) سورة القدر 4.
(¬5) سورة الإنسان 6.
(¬6) ديوانه ص 201، وتخريجه ص 343، وانظر أدب الكاتب ص 515، والمخصص 14/ 67، والصاحبى ص 133، والمحتسب 2/ 89، والغريبين 1/ 237، والأزهية ص 294، وشرح المفصل 2/ 115. والدّحرصان: ماءان، يقال لأحدهما: دحرض، وللآخر: وسيع، فغلّب أحد الاسمين. وزوراء: مائلة. والديلم: الأعداء، وقيل إن حياض الديلم من مياه بنى سعد.
(¬7) شرح أشعار الهذليين ص 129 - وتخريجه فى ص 1378، والأزهية ص 210،294، وشرح أبيات المغنى 2/ 309. وقد نفى ابن جنى أن تكون الباء هنا بمعنى «من»، قال: «فالباء فيه زائدة، إنما معناه: شر بن ماء البحر، هذا هو الظاهر من الحال، والعدول عنه تعسّف». سرّ الصناعة ص 135، وانظر المحتسب 2/ 114. وذهب الفراء إلى أن «يشرب، هنا معناها «يروى». معانى القرآن 3/ 215. هذا وقد جاء فى شعر الراعى ما يشبه بيت أبى ذؤيب فيما جاء شاهدا عليه، وهو قوله: شربنا ببحر من أميّة دونه دمشق وأنهار لهنّ عجيج ديوانه ص 26.

الصفحة 613