بكرت علىّ عواذلى … يلحيننى وألومهنّه (¬1)
ويقلن شيب قد علا … ك وقد كبرت فقلت إنّه
أى إنه قد كان ما يقلن. انتهى كلام أبى عبيد.
وأقول: إنّ بعض النحويين (¬2) جعل «إنّ» فى هذا البيت بمعنى نعم، وجعل الهاء/للسّكت، ومثله فى استعمال «إنّ» بمعنى نعم قول الآخر:
قالوا غدرت فقلت إنّ وربّما … نال المنى وشفى الغليل الغادر (¬3)
والهاء فى تفسير أبى عبيد ضمير الشأن (¬4).
وجاء حذف خبر «لا» فى قولهم: لا بأس (¬5) [يريدون: لا بأس] عليك، وكذلك قولنا: «لا إله إلاّ الله» تقدير الخبر: لا إله لنا، أو فى الوجود إلا الله (¬6)،
¬_________
(¬1) ديوانه ص 66، وتخريجه فيه، وزد عليه: غريب أبى عبيد، وغريب الحديث لابن قتيبة 1/ 537، والجمل المنسوب للخليل ص 133، والأصول 2/ 383، والبغداديات ص 429، والأزهية ص 267، ورصف المبانى ص 119، وفهارسه، والجنى الدانى ص 399، وشرح أبيات المغنى 1/ 188. ويأتى هذا الشعر فى المعاجم، فى مادة (أنن)، وفى كتب التفسير وإعراب القرآن، فى الكلام على قوله تعالى: إِنْ هذانِ لَساحِرانِ الآية (63) من سورة طه. انظر مثلا معانى القرآن وإعرابه للزجاج 3/ 363، وإعراب القرآن للنحاس 2/ 344، وتفسير القرطبى 6/ 247،11/ 218.
(¬2) هو أبو الحسن الأخفش. قال: «إن بمعنى نعم، والهاء لبيان الحركة، وكانت خطباء قريش تفتتح خطبتها بنعم». راجع الخزانة 11/ 213، والموضع السابق من إعراب القرآن للنحاس. وقال الجوهرى فى الصحاح (أنن): «وأما قول الأخفش إنه بمعنى «نعم» فإنما يريد تأويله، ليس أنه موضوع فى اللغة لذلك. قال: وهذه الهاء أدخلت للسّكوت».
(¬3) تقدم فى المجلس السابق.
(¬4) قال البغدادى: «قال ابن الشجرى فى أماليه بعد نقل هذا الكلام عن أبى عبيد: «والهاء فى تفسير أبى عبيد «للشأن» ولم يتعقبه بشىء. ولا يخفى أن ضمير الشأن لا يجوز حذف خبره، بل يجب التصريح بجزأى الجملة من خبره». ثم أفاد البغدادى أن الضمير فى «إنه» راجع إلى القول المفهوم من «يقلن» أى إن قولهنّ كذلك. وهو تقدير ابن هشام فى المغنى ص 38،649.
(¬5) ساقط من هـ.
(¬6) ويكون لفظ الجلالة «الله» تعالى مسمّاه مرفوع بدل من «إله» باعتبار محلّه، وهو الرفع على الابتداء. وقيل: بدل من الضمير المستكنّ فى خبر «لا» المحذوف. وقيل غير ذلك. راجع: معنى لا إله إلاّ الله. لبدر الدين الزركشى ص 73، وحواشى ص 79، وحواشى أوضح المسالك 2/ 30.