وأما حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، فكثير جدّا، وقد قدّمت (¬1) ذكر طرف منه، وذلك نحو قولهم: «صلّى المسجد»، أى أهل المسجد، ومنه قول/مهلهل بن ربيعة:
نبّئت أن النار بعدك أو قدت … واستبّ بعدك يا كليب المجلس (¬2)
أراد: استبّ أهل المجلس، ومنه: {وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً} (¬3) أى إلى أهل مدين، ألا ترى أن الضّمير الذى هو الهاء والميم فى {أَخاهُمْ} لا يعود على {مَدْيَنَ} نفسها، وإنما يعود على أهلها، وقد أظهر هذا المحذوف فى موضع آخر، وهو قوله: {وَما كُنْتَ ثاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ} (¬4) ومنه قول حميد بن ثور (¬5):
قصائد يستحلى الرّواة نشيدها … ويلهو بها من لاعب الحىّ سامر
يعضّ عليها الشيخ إبهام كفّه … ويخزى بها أحياؤكم والمقابر
أى: وأهل المقابر، ومنه: {وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنّا فِيها} (¬6) أى أهل القرية {وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها} أى أصحاب العير {وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ} (¬7) أى برّ من آمن بالله، وإن شئت قدّرت: ولكنّ ذا البرّ من آمن بالله، ومنه {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ} (¬8) أى أشهر الحجّ أشهر معلومات، وإن شئت قدّرت: الحجّ حجّ أشهر معلومات، ومن ذلك قول النابغة:
¬_________
(¬1) فى المجالس: الثامن، والعاشر، والسابع والثلاثين.
(¬2) تقدم تخريجه فى المجلس الثامن.
(¬3) سورة الأعراف 85، وانظر المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم ص 383، ورحم الله مصنّفه رحمة واسعة.
(¬4) سورة القصص 45.
(¬5) ديوانه ص 89.
(¬6) سورة يوسف 82.
(¬7) سورة البقرة 177.
(¬8) سورة البقرة 197، وانظر المغنى ص 624 (الباب الخامس).