كتاب أمالي ابن الشجري (اسم الجزء: 2)
ولكنهم استعملوا المضمرات، فاستغنوا بها عن تكرير المظهرات، إيجازا واختصارا، فلما أرادوا الدلالة على التفخيم، جعلوا تكرير الظاهر أمارة لما أرادوه (¬1) [من ذلك.
وأما معنى البيت: فإنه أراد] ذمّ الذين خاطبهم فيه، فأراد: ليس عندكم قتال وقت احتياجكم إليه، ولا تحسنونه، وإنما عندكم أن تركبوا الخيل وتسيروا فى المواكب العراض.
وفى البيت حذف اقتضاه إقامة الوزن، لم يسأل عنه صاحب هذه المسائل، وهو حذف الفاء من جواب أمّا، وذلك أن «أمّا» حرف استئناف، وضع لتفصيل الجمل، وحكم الفاء بعده حكم (¬2) الفعل، فى امتناعها من ملاصقة «أمّا» لأن الفاء إذا اتصلت بالجزاء صارت كحرف من حروفه، فكما لا يلاصق فعل الجزاء فعل الشرط، كذلك الفاء، ألا ترى أن الفاء فى قولك: إن يقم زيد فعمرو يكرمه، قد فصل بينها وبين الشرط زيد، وكذلك إذا قال: إن تقم فعمرو يكرمك، فقد فصل بين الشرط والفاء الضمير المستكنّ فيه، فلما تنزّلت «أمّا» منزلة الفعل الذى هو الشرط لم يجز أن تلاصقه الفاء.
فإن قال قائل: هل يجوز أن تكون هذه الفاء زائدة، فلذلك (¬3) /جاز حذفها فى الشعر.
قيل: لا تخلو أن تكون عاطفة أو زائدة أو جزاء (¬4)، فلا يجوز أن تكون عاطفة، لدخولها على خبر المبتدأ، وخبر المبتدأ لا يعطف على المبتدأ، ولا يجوز أن تكون زائدة، لأن الكلام لا يستغنى عنها فى حال السّعة، فلم يبق إلا أن تكون جزاء.
¬_________
(¬1) سقط من هـ، وهو فى الأصل والأشباه.
(¬2) فى الأشباه: «حكمها بعد الفعل»، وسيتكلم ابن الشجرى عن «أمّا» بالتفصيل فى المجلس الثامن والسبعين.
(¬3) فى هـ: «ولذلك». وهو بالفاء فى الأصل والأشباه.
(¬4) ذكر ابن هشام هذه الاحتمالات الثلاثة دون عزو. راجع المغنى ص 56.
الصفحة 7
617