كتاب أمالي ابن الشجري (اسم الجزء: 2)
وهى حرف وضع لتفصيل الجمل، وقطع ما قبله عما بعده عن العمل، وأنيب (¬1) عن جملة الشرط وحرفه، فإذا قلت: أمّا زيد فعاقل، فالمعنى والتقدير عند النحويين: مهما يكن من شيء فزيد عاقل، فاستحقّ بذلك جوابا، وجوابه جملة تلزمها الفاء، إمّا أن تكون مبتدئيّة أو فعليّة، والفعليّة إما أن تكون خبريّة أو أمريّة أو نهييّة.
ولا بدّ أن يفصل بين «أمّا» وبين الفاء فاصل، مبتدأ أو مفعول أو جارّ ومجرور، فالمبتدأ كقولك: أمّا زيد فكريم، وأما بكر فلئيم، والمفعول كقولك: أمّا زيدا فأكرمت، وأما عمرا فأهنت، والجارّ والمجرور، كقولك: أمّا فى زيد فرغبت، وأمّا على بكر فنزلت، ومثال [وقوع (¬2)] الجملة الأمرية قولك: أما محمدا فأكرم (¬3)، وأمّا عمرا فأهن، كأنّك قلت: مهما يكن من شيء فأكرم محمدا، ومهما يكن من شيء فأهن عمرا، ومثال النهى قولك: أمّا زيدا فلا تكرم، وأمّا عمرا فلاتهن، ومثله فى التنزيل: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ. وَأَمَّا السّائِلَ فَلا تَنْهَرْ} (¬4).
ومثال فصلك بالجارّ والمجرور، فى قولك: أمّا بزيد فامرر، قوله تعالى:
{وَأَمّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} (¬5).
وإنما لم يجز أن تلاصق «أمّا» الفعل، لأن «أما» لما تنزّلت منزلة الفعل الشّرطى، والفعل لا يلاصق الفعل، امتنعت من ملاصقة الأفعال.
فإن قيل: فقد تقول: زيد كان يزورك، وعمرو ليس يعلم بك، فيلاصق كان وليس، الفعل.
¬_________
(¬1) فى هـ، والأشباه: «وأنيبت».
(¬2) سقط من هـ.
(¬3) فى هـ: «فأكرمه». وما فى الأصل مثله فى الأشباه.
(¬4) سورة الضحى 9،10.
(¬5) آخر سورة الضحى.
الصفحة 8
617