كتاب الكتاب لسيبويه (اسم الجزء: 2)

عشرة وخير منك. ألا ترى أنك لا تقول: مررتُ بخير منه أبوه ولا بأبي عشرة أبوه، كما لا تقول مررتُ بالطين خاتمُه.
وأما قوله: مررت برجلٍ سواءٍ والعدمُ، فهو قبيح حتى تقول: هو والعدمُ، لأن في سواء اسما مضمَراً مرفوعا، كما تقول مررتُ بقوم عربٍ أجمعون، فارتفع أجمعون على مضمر في عربٍ بالنية. فهي هنا معطوفة على المضمر وليست بمنزلة أبى عشرة. فإن تكلّمتَ به على قبحه رفعتَ العدمَ، وإن جعلته مبتدأ رفعتَ سواء.
وتقول: ما رأيت رجلا أبغضَ إليه الشر منه إليه، وما رأيت أحدا أحسنَ في عينه الكُحل منه في عينه. وليس هذا بمنزلة خيرٌ منه أبوه، لأنه مفضل للأب على الاسم في مِن، وأنت في قولك: أحسن في عينه الكحلُ منه في عينه، لا تريد أن تفضل الكحل على الاسم الذي في من، ولا تزعم أنه قد نقص عن أن يكون مثله، ولكنك زعمت أن للكحل ههنا عملا وهيئة ليست له في غيره من المواضع، فكأنك قلت: ما رأيت رجلا عاملا في عينه الكحل كعمله في عين زيد؛ وما رأيت رجلا مبغضا إليه الشرُّ كما بُغِّض إلى زيد.

الصفحة 31