كتاب الكتاب لسيبويه (اسم الجزء: 2)

لأنها والمبهمة كشيء واحد، والصفات التي فيها الألف واللام هي في هذا الموضع بمنزلة الأسماء وليست بمنزلة الصفات في زيد وعمرو إذا قلتَ مررتُ بزيد الطويل، لأني لا أريد أن أجعل هذا اسما خاصا ولا صفة له يُعرف بها، وكأنك أردت أن تقول مررت بالرجل، ولكنك إنما ذكرت هذا لتقرب به الشيء وتشير إليه.
ويدلك على ذلك أنك لا تقول: مررتُ بهذين الطويل والقصير وأنت تريد أن تجعله من الاسم الأول بمنزلة هذا الرجل، ولا تقول: مررتُ بهذا ذى المال كما قلت: مررتُ بزيد ذى المال.
واعلم أن صفات المعرفة تجرى من المعرفة مجرى صفات النكرة من النكرة، وذلك قولك: مررتُ بأخوَيْك الطويلَيْن؛ فليس في هذا إلا الجر كما ليس في قولك: مررت برجل طويل، إلا الجر.
وتقول: مررت بأخوَيْك الطويل والقصير، ومررتُ بأخوَيك الراكع والساجد، ففي هذا البدل، وفي هذا الصفة، وفيه الابتداء، كما كان ذلك في مررت برجلين صالح وطالح.
وإذا قلت: مررت بزيد الراكع ثم الساجد، أو الراكع فالساجد، أو الراكع لا الساجد، أو الراكع أو الساجد، أو إما الراكع وإما الساجد، وما أشبه هذا، لم يكن وجه كلامه إلا الجر كما كان ذلك في النكرة. فإن أدخلتَ بل ولكنْ جاز فيهما ما جاز في النكرة. فعلى هذا فقِس المعرفة. وقد مضى الكلام في النكرة فأغنى عن إعادته في المعرفة، لأن الحكم واحد.
واعلم أن كل شيء كان للنكرة صفة فهو للمعرفة خبر، وذلك قولك:

الصفحة 8