كتاب المقصد الارشد (اسم الجزء: 2)
وَمَا زلنا نرى أكَابِر شُيُوخنَا يشْهدُونَ لَهُ بِمَعْرِِفَة الرِّجَال وَعلل الحَدِيث والأسماء والكنى حَتَّى أَن بَعضهم أسرف فِي تقريظه بالمعرفة وَزِيَادَة السماع للْحَدِيث على أَبِيه وَكَانَ يكره ذَلِك وَقَالَ كَانَ أبي يعرف الف ألف حَدِيث يرد بذلك قَول المسرفين الَّذين يفضلونه بِالسَّمَاعِ على أَبِيه قَالَ عبد الله كَانَ فِي دهليزنا دكان وَكَانَ إِذا جَاءَ إِنْسَان يُرِيد أَن يَخْلُو مَعَه أجلسه على الدّكان وَإِذا لم يرد أَن يَخْلُو مَعَه أَخذ بِعضَادَتَيْ الْبَاب وَكَلمه فَلَمَّا كَانَ ذَات يَوْم جَاءَ إِنْسَان فَقَالَ لَهُ قل لِأَحْمَد أَبُو إِبْرَاهِيم السائح فَخرج إِلَيْهِ أبي فَجَلَسَا على الدّكان فَقَالَ لي أبي سلم عَلَيْهِ فَإِنَّهُ من كبار الْمُسلمين أَو من خِيَار الْمُسلمين فَسلمت عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ أبي حَدثنِي يَا أَبَا إِبْرَاهِيم
فَقَالَ خرجت إِلَى الْموضع الْفُلَانِيّ بِقرب دير هُنَاكَ فأصابتني عِلّة منعتني من
الْحَرَكَة فَقلت فِي نَفسِي لَو كنت بِقرب الدَّيْر الْفُلَانِيّ لَعَلَّ من فِيهِ من الرهبان يروني فَإِذا أَنا بِسبع عَظِيم يقْصد نحوي حَتَّى جَاءُونِي فاحتملني على ظَهره حملا رَفِيقًا حَتَّى ألقاني عِنْد الدَّيْر فَنظر الرهبان إِلَى حَالي مَعَ السَّبع فأسلموا كلهم وهم أَرْبَعمِائَة رَاهِب قَالَ أَبُو إِبْرَاهِيم لأبي حَدثنَا يَا أَبَا عبد الله فَقَالَ كنت قبل الْحَج بِخمْس لَيَال أَو أَربع فَبينا أَنا نَائِم رَأَيْت النَّبِي فَقَالَ لي يَا أَحْمد حج فانتبهت وَكَانَ من شأني إِذا أردْت سفرا جعلت فِي مزود لي فتيتا فَفعلت ذَلِك فَلَمَّا إِن أَصبَحت قصدت نَحْو الْكُوفَة فَلَمَّا انْقَضى بعض النَّهَار إِذا أَنا بِالْكُوفَةِ فَدخلت مَسْجِد الْجَامِع فَإِذا أَنا بشاب حسن الْوَجْه طيب الرّيح فَقلت سَلام عَلَيْكُم ثمَّ كَبرت
الصفحة 7
598