كتاب اجتماع الجيوش الإسلامية

أَنَّ هَذِهِ النِّعْمَةَ هِيَ النِّعْمَةُ الْمُطْلَقَةُ، وَهِيَ الَّتِي اخْتَصَّتْ بِالْمُؤْمِنِينَ، وَإِذَا قِيلَ: لَيْسَ لِلَّهِ عَلَى الْكَافِرِ نِعْمَةٌ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ فَهُوَ صَحِيحٌ.

[النِّعْمَةُ الْمُقَيَّدَةُ]
وَالنِّعْمَةُ الثَّانِيَةُ: النِّعْمَةُ الْمُقَيَّدَةُ كَنِعْمَةِ الصِّحَّةِ، وَالْغِنَى، وَعَافِيَةِ الْجَسَدِ، وَبَسْطِ الْجَاهِ، وَكَثْرَةِ الْوَلَدِ، وَالزَّوْجَةِ الْحَسَنَةِ، وَأَمْثَالِ هَذِهِ، فَهَذِهِ النِّعْمَةُ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ وَالْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ، وَإِذَا قِيلَ: لِلَّهِ عَلَى الْكَافِرِ نِعْمَةٌ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ فَهُوَ حَقٌّ، فَلَا يَصِحُّ إِطْلَاقًا السَّلْبُ وَالْإِيجَابُ إِلَّا عَلَى وَجْهٍ وَاحِدٍ ; وَهُوَ أَنَّ النِّعَمَ الْمُقَيَّدَةَ، لَمَّا كَانَتِ اسْتِدْرَاجًا لِلْكَافِرِ وَمَآلُهَا إِلَى الْعَذَابِ وَالشَّقَاءِ فَكَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ نِعْمَةً وَإِنَّمَا كَانَتْ بَلِيَّةً كَمَا سَمَّاهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ كَذَلِكَ، فَقَالَ تَعَالَى: {فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِي - وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِي كَلَّا. . .} [الفجر: 15 - 16] الْآيَةَ أَيْ: لَيْسَ كُلُّ مَنْ أَكْرَمْتُهُ فِي الدُّنْيَا وَنَعَّمْتُهُ فِيهَا

الصفحة 36