كتاب اجتماع الجيوش الإسلامية

وَلَكِنْ هَذِهِ سُنَّةُ اللَّهِ فِي أَهْلِ الْبَاطِلِ أَنَّهُمْ يُعَادُونَ الْحَقَّ وَأَهْلَهُ وَيَنْسِبُونَهُمْ إِلَى مُعَادَاتِهِ وَمُحَارَبَتِهِ، كَالرَّافِضَةِ الَّذِينَ عَادَوْا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ وَأَهْلَ بَيْتِهِ وَنَسَبُوا أَتْبَاعَهُ وَأَهْلَ سُنَّتِهِ إِلَى مُعَادَاةِ أَهْلِ بَيْتِهِ: {وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [الأنفال: 34] ، وَالْمَقْصُودُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ صِنْفَانِ: أَئِمَّةٌ وَسَادَةٌ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَقَدْ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ. وَأَتْبَاعٌ لَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْأَنْعَامِ وَالْبَهَائِمِ، فَأُولَئِكَ زَنَادِقَةٌ مُسْتَبْصِرُونَ، وَهَؤُلَاءِ زَنَادِقَةٌ مُقَلِّدُونَ. فَهَؤُلَاءِ أَصْنَافُ بَنِي آدَمَ فِي الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ وَلَا يُجَاوِزُ هَذِهِ السُّنَّةَ اللَّهُمَّ إِلَّا مَنْ أَظْهَرَ الْكُفْرَ وَأَبْطَنَ الْإِيمَانَ كَحَالِ الْمُسْتَضْعَفِ بَيْنَ الْكُفَّارِ الَّذِي تَبَيَّنَ لَهُ الْإِسْلَامُ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْمُهَاجِرَةُ بِخِلَافِ قَوْمِهِ وَلَمْ يَزَلْ هَذَا الضَّرْبُ فِي النَّاسِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ وَبَعْدِهِ، وَهَؤُلَاءِ عَكْسُ الْمُنَافِقِينَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ.
(مُوجَزٌ لِأَقْسَامِ النَّاسِ فِي الْهَدْيِ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)
وَعَلَى هَذَا فَالنَّاسُ إِمَّا مُؤْمِنٌ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَإِمَّا كَافِرًا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا أَوْ مُؤْمِنٌ ظَاهِرًا كَافِرٌ بَاطِنًا أَوْ كَافِرٌ ظَاهِرًا مُؤْمِنٌ بَاطِنًا. وَالْأَقْسَامُ الْأَرْبَعَةُ قَدِ اشْتَمَلَ عَلَيْهَا الْوُجُودُ، وَقَدْ بَيَّنَ الْقُرْآنُ أَحْكَامَهَا، فَالْأَقْسَامُ الثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ ظَاهِرَةٌ، وَقَدِ اشْتَمَلَ عَلَيْهَا أَوَّلُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ.

[الْقِسْمُ الرَّابِعِ مِنْ أَقْسَامِ النَّاسِ فِي الْهُدَى الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ إِيمَانَهُمْ وَلَا يَتَمَكَّنُونَ مِنْ إِظْهَارِهِ]
" الْقِسْمُ الرَّابِعِ مِنْ أَقْسَامِ النَّاسِ فِي الْهُدَى الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "
وَأَمَّا الْقِسْمُ الرَّابِعُ: فَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ. .} [الفتح: 25] الْآيَةَ

الصفحة 76