كتاب اجتماع الجيوش الإسلامية

وَتَقْلِيدُهَا لِآرَاءِ الرِّجَالِ فَلَمْ تَجِدْ حَقَائِقَ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ فِيهَا مُنْقِذًا وَتَمَكَّنَتْ فِيهَا أَسْقَامُ الْجَهْلِ وَالتَّخْلِيطِ فَلَمْ تَنْتَفِعْ مَعَهَا بِصَالِحِ الْغِذَاءِ وَاعَجَبًا جَعَلَتْ غِذَاءَهَا مِنْ هَذِهِ الْآرَاءِ الَّتِي لَا تُسْمِنُ وَلَا تُغْنِي مِنْ جُوعٍ وَلَمْ تَقْبَلْ الِاغْتِذَاءَ بِكَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَنَصِّ نَبِيِّهِ الْمَرْفُوعِ وَاعَجَبًا لَهَا كَيْفَ اهْتَدَتْ فِي ظُلَمِ الْآرَاءِ إِلَى التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْخَطَأِ فِيهَا وَالصَّوَابِ وَعَجَزَتْ عَنِ الِاهْتِدَاءِ بِمَطَالِعِ الْأَنْوَارِ وَمَشَارِقِهَا مِنَ السُّنَّةِ وَالْكِتَابِ فَأَقَرَّتْ بِالْعَجْزِ عَنْ تَلَقِّي الْهُدَى وَالْعِلْمِ مِنْ مِشْكَاةِ السُّنَّةِ وَالْقُرْآنِ، ثُمَّ تَلَقَّتْهُ مِنْ رَأْيِ فُلَانٍ وَرَأْيِ فُلَانٍ. فَسُبْحَانَ اللَّهِ مَاذَا حُرِمَ الْمُعْرِضُونَ عَنْ نُصُوصِ الْوَحْيِ وَاقْتِبَاسِ الْهُدَى مِنْ مِشْكَاتِهَا مِنَ الْكُنُوزِ وَالذَّخَائِرِ وَمَاذَا فَاتَهُمْ مِنْ حَيَاةِ الْقُلُوبِ وَاسْتِنَارَةِ الْبَصَائِرِ قَنِعُوا بِأَقْوَالٍ اسْتَنْبَطَتْهَا مَعَاوِلُ الْآرَاءِ " فِكْرًا " وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ لِأَجْلِهَا زُبُرًا، وَأَوْحَى بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضِ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا فَاتَّخَذُوا لِأَجْلِ ذَلِكَ الْقُرْآنَ مَهْجُورًا، دُرَسَتْ مَعَالِمُ الْقُرْآنِ فِي قُلُوبِهِمْ فَلَيْسُوا يَعْرِفُونَهَا، وَدُثِرَتْ مَعَاهِدُهُ عِنْدَهُمْ فَلَيْسُوا يَعْمُرُونَهَا، وَوَقَعَتْ أَعْلَامُهُ مِنْ أَيْدِيهِمْ فَلَيْسُوا يَرْفَعُونَهَا، وَأَفَلَتْ كَوَاكِبُهُ مِنْ آفَاقِهِمْ فَلَيْسُوا يُبْصِرُونَهَا، وَكَسَفَتْ شَمْسُهُ عِنْدَ اجْتِمَاعِ ظُلَمِ آرَائِهِمْ وَعُقَدِهَا فَلَيْسُوا يُثْبِتُونَهَا، خَلَعُوا نُصُوصَ الْوَحْيِ عَنْ سُلْطَانِ الْحَقِيقَةِ وَعَزَلُوهَا عَنْ وِلَايَةِ الْيَقِينِ وَشَنُّوا عَلَيْهَا غَارَاتِ التَّحْرِيفِ بِالتَّأْوِيلَاتِ الْبَاطِلَاتِ فَلَا يَزَالُ يَخْرُجُ عَلَيْهَا مِنْ جُيُوشِهِمُ الْمَخْذُولَةِ كَمِينٌ بَعْدَ كَمِينٍ، نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ نُزُولَ الضَّيْفِ عَلَى أَقْوَامٍ

الصفحة 91