كتاب اجتماع الجيوش الإسلامية

وَمِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [السجدة: 4] .

[الرَّدُّ عَلَى الْمَلَاحِدَةِ وَالْمُعَطِّلَةِ]
وَتَأَمَّلْ مَا فِي هَذِهِ الْآيَاتِ مِنَ الرَّدِّ عَلَى طَوَائِفِ الْمُعَطِّلِينَ وَالْمُشْرِكِينَ فَقَوْلُهُ: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} [الفرقان: 59] يَتَضَمَّنُ إِبْطَالَ قَوْلِ الْمَلَاحِدَةِ الْقَائِلِينَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ وَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ وَأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَخْلُقْهُ بِقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَمَنْ أَثْبَتَ مِنْهُمْ وُجُودَ الرَّبِّ جَعَلَهُ لَازِمًا لِذَاتِهِ أَوَّلًا وَأَبَدًا غَيْرَ مَخْلُوقٍ كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ سِينَا وَالنَّصِيرِ الطُّوسِيِّ وَأَتْبَاعِهِمَا مِنَ الْمَلَاحِدَةِ الْجَاحِدِينَ لِمَا اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ الرُّسُلُ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَالْكُتُبُ وَشَهِدَتْ بِهِ الْعُقُولُ وَالْفِطَرُ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: 54] يَتَضَمَّنُ إِبْطَالَ قَوْلِ الْمُعَطِّلَةِ وَالْجَهْمِيَّةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَيْسَ عَلَى الْعَرْشِ شَيْءٌ سِوَى الْعَدَمِ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ مُسْتَوِيًا عَلَى عَرْشِهِ، وَلَا تُرْفَعُ إِلَيْهِ الْأَيْدِي، وَلَا يَصْعَدُ إِلَيْهِ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ، وَلَا رَفَعَ الْمَسِيحَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِلَيْهِ، وَلَا عُرِجَ بِرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِلَيْهِ " وَلَا تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ وَلَا يَنْزِلُ مِنْ عِنْدِهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَلَا غَيْرُهُ، وَلَا يَنْزِلُ هُوَ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، وَلَا يَخَافُهُ عِبَادُهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ

الصفحة 95