كتاب المعتمد في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

تَعْلِيق الحكم بِالشّرطِ يدل على أَن مَا عداهُ بِخِلَافِهِ
وَلقَائِل أَن يَقُول أيسقط وجوب الرَّد إِلَى الْكتاب وَالسّنة وَيصير ترك ذَلِك مُبَاحا إِذا اتَّفقُوا على الحكم بِالرَّدِّ إِلَى الْكتاب وَالسّنة أَو إِذا اتَّفقُوا على ذَلِك من غير رد إِلَيْهِمَا فان قُلْتُمْ بِالثَّانِي جوزتم وُقُوع الْإِجْمَاع من غير دَلِيل وَجَوَاز ذَلِك يمْنَع صِحَة الْإِجْمَاع وَإِذا قُلْتُمْ بِالْأولِ نسبتم إِلَى الله تَعَالَى مَا لَا يجوز لِأَن طلب الحكم من الْكتاب وَالسّنة بعد مَا وجد مِنْهُمَا محَال إِذْ طلب مَا هُوَ مَوْجُود عِنْد الطّلب مُسْتَحِيل فإباحة ترك المستحيل عَبث لَا يصدر عَن حَكِيم
فان قيل فَمَا المُرَاد بِالْآيَةِ قيل المُرَاد بهَا الْحَث على طَاعَة أولى الْأَمر وهم الْأُمَرَاء فَمَا تدبروا بِهِ من أَمر الدّين وَالدُّنْيَا مِمَّا لَا نعلم أَنه خطأ فان ظننا أَنه خطأ ونازعناهم فِيهِ رددناه إِلَى الله وَرَسُوله وَهَذَا كَمَا لَو قَالَ الْإِنْسَان لعبيده أطِيعُوا من أوليه عَلَيْكُم فان تنازعتم وتخالفتم فَردُّوهُ إِلَيّ لفهم مِنْهُ مَا ذَكرْنَاهُ
دَلِيل وَهُوَ قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تَجْتَمِع أمتِي على خطأ فنفى جَمِيع الْخَطَأ عَن إِجْمَاعهم لِأَن ذَلِك نفي لنكرة تعم وَمِمَّا أَجمعُوا عَلَيْهِ أَنه لَا يجوز مُخَالفَة مَا أَجمعُوا عَلَيْهِ فَيجب كَون ذَلِك صَوَابا غير خطأ وَيَنْبَغِي أَن يتشاغل بتثبت الْخَبَر ثمَّ بالْكلَام فِي مَتنه وَقد سلك النَّاس فِي تثبيته وُجُوهًا
مِنْهَا أَن الْخَبَر وَإِن نقل بالآحاد فان مَعْنَاهُ بالتواتر رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ أمتِي لَا تَجْتَمِع على ضلال وَقَالَ يَد الله مَعَ الْجَمَاعَة وَقَالَ الشَّيْطَان مَعَ الْوَاحِد وَهُوَ من الِاثْنَيْنِ ابعد وَقَالَ مَا رَآهُ الْمُؤْمِنُونَ حسنا فَهُوَ عِنْد الله حسن وَقَالَ من خَالف الْجَمَاعَة قيد شبر فقد خلع ربقة الْإِسْلَام من عُنُقه قَالُوا فَجرى ذَلِك مجْرى مَا تناقل بالآحاد من تفاصيل سخاء حَاتِم فِي أَنه قد صَار بإجماعه متواترا وَلقَائِل أَن يَقُول إِن هَذِه الْأَخْبَار تبلغ خَمْسَة أَو سِتَّة وَلَو روى خَمْسَة نفر أَو سِتَّة خَبرا لم يجب أَن يكون مَعْلُوما

الصفحة 16