كتاب المعتمد في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

وَأَيْضًا فَكل مَعْصِيّة ضلال لِأَنَّهُ قد عدل بهَا عَن الْحق وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {قَالَ فعلتها إِذا وَأَنا من الضَّالّين}
وَمِنْهَا أَن يُقَال مَا المُرَاد بِأمة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيُقَال اخْتلف النَّاس فِي ذَلِك فَقَالَ قوم أمته كل من بعث إِلَيْهِ وَقَالَ آخَرُونَ بل هم كل من صدقه وَهُوَ الصَّحِيح لِأَنَّهُ الْمَفْهُوم من إِطْلَاق قَوْلنَا أمة النَّبِي وَلِأَن الْمُسلمين يدعونَ لأمة مُحَمَّد وَلَا يدعونَ لكل من بعث النَّبِي إِلَيْهِ فان قيل فَيجب أَن يَقع قَوْله أمتِي على من صدقه إِلَى انْقِطَاع التَّكْلِيف لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ بعد ذَلِك تَكْلِيف فيحتج فِيهِ بِالْإِجْمَاع وَالْجَوَاب أَن قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام أمتِي لَا تَجْتَمِع على خطأ لَا يتَنَاوَل إِلَّا من كَانَ فِي ذَلِك الْعَصْر دون من لم يُوجد لِأَن من لم يُوجد لَا يكون مُصدقا فِي تِلْكَ الْحَال وَلقَائِل أَن يَقُول إِن كَانَ المُرَاد بقوله أمتِي لَا تَجْتَمِع على خطأ كل من صدقه إِلَى انْقِطَاع التَّكْلِيف لم يكن فِي الْخَبَر دلَالَة على أَن الْإِجْمَاع حجَّة وَوَجَب أَن يكون المُرَاد بالْخبر مَا ذَكرْنَاهُ وَإِن كَانَ المُرَاد بالْخبر من هُوَ مَوْجُود بِمن صدقه وَجب أَن لَا يدْخل تَحت الْخَبَر إِلَّا من كَانَ مَوْجُودا من أمة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد قَوْله أمتِي لَا تَجْتَمِع على خطأ فَلَا يُمكن وَالْحَال هَذِه أَن تستدلوا باجماع الصَّحَابَة بعده مَعَ علمهمْ أَن كثيرا مِمَّن كَانَ حَيا عِنْد وُرُود هَذَا الْخَبَر من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد توفّي أَو تجويزكم أَنه توفى وَمَا تنكرون أَن يكون النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا عَنى بِهَذَا الْكَلَام أَن من عاصر هَذَا القَوْل فِيهِ لَا يجْتَمع على خطأ وَلم يكن قَصده أَن يجْتَمع بقَوْلهمْ لأَنهم إِذا أجمعو على شَيْء فأقره النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فالحجة هِيَ إِقْرَاره فان قُلْتُمْ إِن المصدقين بِهِ بعد وَفَاته هم أمته فَدَخَلُوا تَحت ظَاهر الْخَبَر قيل لكم إِنَّمَا يدْخلُونَ تَحْتَهُ لَو كَانُوا جَمِيع أمته وَلَيْسوا جَمِيع أمته بل جَمِيع أمته هم مَعَ تقدمهم
وَمِنْهَا قَوْلهم وَلم إِذا كَانُوا مَا أَجمعُوا عَلَيْهِ لَيْسَ بخطأ فَيكون حجَّة فان قُلْتُمْ لِأَن الْأمة أَجمعت على أَنه لَا يجوز مُخَالفَة مَا أَجمعُوا عَلَيْهِ قيل لكم وَمَتى

الصفحة 20