كتاب المعتمد في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

يجوز أَن يكون أسود فِي الْبَلَد الْفُلَانِيّ فان اجْتَمعُوا فِي بلد آخر لم يَكُونُوا سُودًا بل بيضًا
وَالْوَجْه الآخر فِي إِحَالَة الْإِجْمَاع قَوْلهم لَو انْعَقَد الْإِجْمَاع لَكَانَ إِن انْعَقَد عَن نَص وَجب نَقله والاستغناء بِهِ وَلَا يجوز انْعِقَاده عَن أَمارَة لأَنهم على كثرتهم وَاخْتِلَاف هممهم لَا يجوز اتِّفَاقهم عَن الأمارات المظنونة وَالْجَوَاب أَنه لَا يمْتَنع أَن يتفقوا عَن نَص لَا ينقلوه اكْتِفَاء بِالْإِجْمَاع أَو ينْقل وَيكون مُحْتملا فيستغنى بِالْإِجْمَاع عَن النّظر فِيهِ وَيجوز اتِّفَاقهم عَن أَمارَة كَمَا جَازَ اتِّفَاق الْجَمَاعَات عَن شُبْهَة
وَأما من قَالَ لَا طَرِيق إِلَى إِثْبَات الْإِجْمَاع فسيجيء فِي بَاب مُنْفَرد وَمن قَالَ لَا دَلِيل على صِحَة الْإِجْمَاع فَقَوله بَاطِل لما تقدم من الدَّلِيل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب فِي الِاتِّفَاق بِمَاذَا يكون - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
اعْلَم أَن الِاتِّفَاق يكون من الْجَمَاعَة بِالْفِعْلِ نَحْو أَن يَفْعَلُوا بأجمعهم فعلا وَاحِدًا وَيكون بالْقَوْل وَيكون بِالرِّضَا نَحْو أَن يخبروا عَن أنفسهم بِالرِّضَا وَنَحْو أَن يظْهر القَوْل فيهم وَلَا يظهرون كَرَاهِيَة مَعَ زَوَال التقية وَقد يَجْتَمعُونَ على الْفِعْل وعَلى القَوْل وعَلى الْإِخْبَار عَن الرِّضَا فِي مَسْأَلَة وَاحِدَة وكل هَذِه الْأَشْيَاء أَدِلَّة على الِاعْتِقَاد لحسن مَا رَضوا بِهِ ولوجوبه على أَن اتِّفَاقهم على الْفِعْل يدل على حسنه من حَيْثُ كَانَ الْعقل دَلِيلا على اعْتِقَادهم لحسنه وَمن حَيْثُ كَانُوا قد اتَّفقُوا على فعله لِأَنَّهُ لَو كَانَ خطأ مَا اجْتَمعُوا على فعله كَمَا لَا يَجْتَمعُونَ على اعْتِقَاد حسنه وَقد يَجْتَمعُونَ على ترك القَوْل فِي الشَّيْء وعَلى ترك فعله فَيدل ذَلِك على أَنه غير وَاجِب لِأَنَّهُ لَو كَانَ وَاجِبا لَكَانَ تَركه مَحْظُورًا وَفِي ذَلِك إِجْمَاعهم على الْمَحْظُور وَيجوز أَن يكون مَا تَرَكُوهُ مَنْدُوبًا إِلَيْهِ

الصفحة 23