كتاب المعتمد في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

لِأَن تَركه لَيْسَ بمحظور وَذَلِكَ نَحْو أَن يتْركُوا اعْتِقَاد الْأَفْضَل من بعض أهل الْأَعْصَار - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب فِي أَنه لَا اعْتِبَار فِي الاجماع بِجَمِيعِ من بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
اعْلَم أَن جَمِيع من بعث إِلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هم المكلفون إِلَى انْقِضَاء التَّكْلِيف من مُؤمن وَكَافِر ومجتهد وَغير مُجْتَهد وَلَا اعْتِبَار بالكافرين فِي الْإِجْمَاع لِأَنَّهُ لَا يُمكنهُم معرفَة الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة فوقوف الْإِجْمَاع عَلَيْهِم يُؤَدِّي إِلَى تعذر الْإِجْمَاع لوقوفه على مَا هُوَ مُتَعَذر وَلِأَن الْإِجْمَاع لَا تعلم صِحَّته إِلَّا بِالسَّمْعِ وأدلة السّمع لَا تتَنَاوَل الْكَافِر كَقَوْلِه تَعَالَى {وَيتبع غير سَبِيل الْمُؤمنِينَ} وَقَوله {كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس} وَقَوله {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا لِتَكُونُوا شُهَدَاء على النَّاس} الْآيَة وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم امتي لَا تَجْتَمِع على خطأ وَهَذَا الِاسْم لَا يفهم من إِطْلَاقه الْكَافِر وَلَا اعْتِبَار فِي الْإِجْمَاع بِكُل الْمُؤمنِينَ إِلَى انْقِضَاء التَّكْلِيف لِأَن فِي أَدِلَّة الْإِجْمَاع مَا يَقْتَضِي أَن أهل الْعَصْر الْوَاحِد حجَّة وَلِأَن الْإِجْمَاع حجَّة فَلَو اعْتبرنَا فِي الْإِجْمَاع جَمِيع الْمُكَلّفين إِلَى آخر التَّكْلِيف لم يكن حجَّة لِأَنَّهُ لَيْسَ بعدهمْ تَكْلِيف فَيكون إِجْمَاعهم حجَّة فِيهِ
فان قيل يكون حجَّة على من أجمع مَعَهم ثمَّ فارقهم قيل كَيفَ يكون حجَّة عَلَيْهِ وَلَا يُؤمن أَن يحدث بعدهمْ من يخالفهم فَلَا يكون جَمِيع الْمُكَلّفين إِلَى انْقِضَاء التَّكْلِيف متفقين على ذَلِك الحكم
وَأما غير الْمُجْتَهدين فَذكر قَاضِي الْقُضَاة أَن الْأَقْوَال المنتشرة فِي الامة ضَرْبَان أَحدهمَا منتشر فِي الْخَاصَّة فَقَط كمسائل الِاجْتِهَاد وَالْآخر منتشر فِي

الصفحة 24