كتاب المعتمد في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

الْخَاصَّة والعامة وَذَلِكَ ضَرْبَان أَحدهمَا مَعْلُوم باضطرار من دين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالثَّانِي غير مَعْلُوم من دينه باضطرار فالمعلوم من دينه باضطرار كالصلوات الْخمس وَصَوْم شهر رَمَضَان وَتَحْرِيم الْبِنْت وَمَا أشبه ذَلِك وَمَا هَذِه سَبيله يسْتَغْنى فِي الِاحْتِجَاج عَلَيْهِ عَن قَول مَنْقُول عَن النَّبِي أَو إِجْمَاع وَالصَّحِيح أَن ذَلِك مَعْلُوم من الدّين باستدلال لأَنا لَو نعلم تَوَاتر النَّقْل عَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام بِتَحْرِيم الْبِنْت أَو تَوَاتر نقل الْقُرْآن وَأَنه لَا يجوز أَن يحرم شَيْئا إِلَّا وَهُوَ مُعْتَقد لتحريمه لم نعلم أَنه يعْتَقد تَحْرِيم ذَلِك أَلا ترى أَنه لَو لم ينْقل إِيجَاب صَوْم شهر رَمَضَان عَنهُ لم يعلم دينه فِي ذَلِك وَكَذَلِكَ لَو علمنَا النَّقْل فِي ذَلِك وجوزنا أَن يُوجب مَا لَا نعتقد وُجُوبه علينا لم يعلم ذَلِك وَكَذَلِكَ القَوْل فِي كل مَا يدعى أَنه مَعْلُوم باضطرار أَنه من دين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِنَّمَا اشتبهت الْحَال فِيهِ لِأَن الْعلم بِأَنَّهُ من دينه ظَاهر وَلم يحصل فِيهِ نزاع بَين الامة
وَأما الْأَقْوَال المنتشرة فِي الْخَاصَّة والعامة وَهِي مَعْلُومَة من الدّين باستدلال فَذكر قَاضِي الْقُضَاة أَن مِنْهَا تَحْرِيم بنت الْبِنْت وَأَن بنت الْخَالَة مُخَالفَة فِي التَّحْرِيم للخالة وَمَعْرِفَة أَوْقَات الصَّلَوَات
وَلقَائِل أَن يَقُول أما معرفَة أَوْقَات الصَّلَوَات على التَّفْصِيل فَمن مسَائِل الِاجْتِهَاد لِأَنَّهُ يدْخل فِي تَفْصِيل ذَلِك معرفَة آخر الْوَقْت وَذَلِكَ مُجْتَهد فِيهِ وَأما معرفَة أَوْقَات الصَّلَوَات على الْجُمْلَة وَتَحْرِيم بنت الْبِنْت فالعامة إِنَّمَا تعرف ذَلِك يالرجوع إِلَى الْعلمَاء لَا بالاستدلال لِأَن الْمُكَلف إِنَّمَا يعرف ذَلِك اسْتِدْلَالا بظواهر تعلم أَنَّهَا قد تجردت عَمَّا يعارضها وَإِنَّمَا يعلم عدم ذَلِك بعد أَن يفتش الشَّرِيعَة والعامة لم تنظر فِي هَذِه الظَّوَاهِر وَلَا فتشت عَمَّا يعارضها
فَأَما مسَائِل الِاجْتِهَاد فقد اخْتلف النَّاس فِي اعْتِبَار الْعَامَّة فِيهَا فَقَالَ قوم إِن الْعَامَّة وَإِن وَجب عَلَيْهَا اتِّبَاع الْعلمَاء فان اجماع الْعلمَاء لَا يكون حجَّة على أهل الْعَصْر الثَّانِي حَتَّى لَا تسوغ مخالفتهم إِلَّا بِأَن يتبعهُم الْعَامَّة من أهل عصرهم فان لم يتبعوهم لم يجب على أهل الْعَصْر الثَّانِي من الْعلمَاء اتباعهم وَقَالَ

الصفحة 25