كتاب المعتمد في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

من تقدم من الصَّحَابَة لِأَنَّهُ لَا يُمكن أَن يكون لَهُم قَول فِيمَا حدث بعدهمْ وَجب أَن يَعْنِي الله تَعَالَى بقوله التَّابِعين دون من تقدم فَيدْخل من خالفهم تَحت الْوَعيد قيل إِنَّه لم يعن من تقدم لما ذكرْتُمْ وَلَا عَنى الْحَاضِرين من التَّابِعين لأَنهم بعض الْمُؤمنِينَ وَإِنَّمَا عَنى من يُطلق عَلَيْهِ فِي وقته أَنه جمَاعَة الْمُؤمنِينَ وَلَيْسَ ذَلِك إِلَّا الصَّحَابَة فَقُلْنَا إِن إِجْمَاع الصَّحَابَة وحدهم حجَّة وَكَذَلِكَ قَوْله لَا تَجْتَمِع أمتِي على ضلال لَا يتَنَاوَل التَّابِعين وحدهم لِأَنَّهُ لَا يُطلق عَلَيْهِم فِي عصرهم أَنهم جَمِيع أمة النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام بل يُقَال إِنَّهُم بعض أمته وَيُطلق القَوْل فِي عصر الصَّحَابَة بِأَنَّهُم الْآن جَمِيع أمته الْجَواب إِن هَذَا السُّؤَال لَا يتَوَجَّه على من قَالَ إِن اسْم الْمُؤمنِينَ اشتقاق من التَّصْدِيق لِأَن من لم يصدق فِي الْحَال حَتَّى مَاتَ لَا يُطلق عَلَيْهِ اسْم مُؤمن وَلَا يُوصف ايضا بِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُؤْمِن لِأَنَّهُ يُوهم أَنه كَانَ مُؤمنا
وَلَا يلْزم الشَّيْخ أَبَا هَاشم رَحمَه الله لِأَن لَام الْجِنْس لَا يُوجب الِاسْتِغْرَاق وَيجوز أَن يدْخل تَحْتَهُ ثَلَاثَة فَصَاعِدا فَمَتَى تركنَا وَظَاهر قَطعنَا على أَنه قد أُرِيد بِهِ ثَلَاثَة فَلم يجب أَن يكون أُرِيد بِالْمُؤْمِنِينَ مَجْمُوع الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ إِلَّا أَن الْإِجْمَاع الَّذِي يعرفهُ الْخصم قد منع أَن يُرَاد بِالْآيَةِ بعض أهل الْعَصْر فأخرجناه فِي الْخطاب وَوَجَب أَن يُرَاد بِهِ جَمِيع أهل الْعَصْر وَأما من يَقُول إِن لَام الْجِنْس استغراق فَلهُ أَن يَقُول لَيْسَ يَخْلُو إِمَّا أَن نُرِيد بِهَذِهِ الْآيَات من حضر عِنْد حُدُوث الْحَادِثَة وَلَا بِغَيْر من تقدم مَوته من الْمُؤمنِينَ وَذَلِكَ قَوْلنَا أَو بِغَيْر من تقدم وَذَلِكَ يمْنَع من كَون إِجْمَاع الصَّحَابَة حجَّة لِأَن من مَاتَ قبل وَفَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ مُؤمن وَلَيْسَ لَهُ فِي الْحَادِثَة قَول
فان قيل فَمَا الْجَواب لمن سَأَلَ عَن هَذَا السُّؤَال مِمَّن لَا يَقُول إِن إِجْمَاع الصَّحَابَة وَلَا غَيرهم حجَّة قيل قد تقدم فِي الْبَاب الأول
وَاحْتَجُّوا بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمْ اقْتَدَيْتُمْ اهْتَدَيْتُمْ قَالُوا فحكمة بِأَن الِاقْتِدَاء بِأَصْحَابِهِ اهتداء الْجَواب أَن ذَلِك لَا يمْنَع من كَون

الصفحة 28