كتاب المعتمد في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

التَّابِعين مثلهم فِي ذَلِك على أَن قَوْله بِأَيِّهِمْ اقْتَدَيْتُمْ اهْتَدَيْتُمْ يتَنَاوَل آحادهم وَلَيْسَ قَول كل وَاحِد مِنْهُم حجَّة على الْمُجْتَهدين فَعلمنَا أَنه إِنَّمَا حث بذلك الْعَامَّة على استفتاء كل وَاحِد مِنْهُم
وَاحْتج بِأَن الصَّحَابَة قد اخْتصّت بمشاهدة النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام والحضور عِنْد الْوَحْي فَكَانَ لَهُم مزية بذلك الْجَواب وَلم قُلْتُمْ إِن ذَلِك يُوجب أَن يكون لَهُم مزية فِي كَون قَوْلهم حجَّة دون غَيرهم
وَاحْتَجُّوا بِأَن قَول التَّابِعين لَو كَانَ حجَّة لَكَانَ إِنَّمَا صَارُوا إِلَيْهِ عَن نَص متواتر أَو غير متواتر أَو عَن أَمارَة اجتهدوا فِيهَا وَلَو كَانَ كَذَلِك لما ذهب كل ذَلِك على الصَّحَابَة لأَنهم لَا يكونُونَ أدنى رُتْبَة من التَّابِعين الْجَواب أَنه لَا يمْتَنع أَن لَا تحدث الْحَادِثَة فِي الصَّحَابَة فَلَا يفحصوا عَن نَص وَارِد فِيهَا وَلَا عَن أَمارَة مُجْتَهد فِيهَا فَلَا يظفروا بهَا ويظفر التابعون بهَا إِذا اضطروا إِلَى طلبَهَا عِنْد حُدُوث الْحَادِثَة وَلَا يمْتَنع أَن تحدث الْحَادِثَة فِي زمن الصَّحَابَة فيختلفون فِيهَا ويتفق التابعون فِيهَا على أحد أَقْوَالهم فيظفر التابعون فِي ذَلِك القَوْل بِمَا لم يظفر بِهِ أحد الطالبين من الصَّحَابَة لِأَن قَول بعض الصَّحَابَة بِهِ لَيْسَ بِحجَّة - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب فِي وجوب اعْتِبَار الْمُجْتَهدين كلهم من أهل الْعَصْر الْوَاحِد فِي الْإِجْمَاع - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
يضمن هَذَا الْبَاب فصولا مِنْهَا أَن أَكثر أهل الْعَصْر لَا يكون إِجْمَاعًا وَمِنْهَا اعْتِبَار الْمُجْتَهد من التَّابِعين إِذا عاصر الصَّحَابَة وَمِنْهَا اعْتِبَار الْمُجْتَهد وَإِن لم يشْتَهر بالفتوى وَمِنْهَا اعْتِبَار أهل الْأَمْصَار كلهم
أما الْفَصْل الأول فقد بَين أَكثر النَّاس أَن أهل الْعَصْر إِذا اتَّفقُوا على قَول إِلَّا الْوَاحِد والاثنين من الْمُجْتَهدين لَا يكون حجَّة وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْن الْخياط إِن ذَلِك حجَّة

الصفحة 29