كتاب المعتمد في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

قَوْله مَا هَهُنَا بِمَعْنى شَيْء وَقَوْلنَا شَيْء يَقع على ثوب وعَلى غَيره فَكَذَلِك إِذا قَالَ أَتَيْتُك بِخَير مِنْهُ وَلَا يَقْتَضِي أَن يَأْتِيهِ بِثَوْب لَا محَالة لِأَن قَوْلنَا خير يَقع على كل خير ثوبا كَانَ أَو غير ثوب فَهُوَ عَام فيهمَا كَمَا أَن قَوْلنَا شَيْء وَقَوْلنَا مَا يعم الثَّوْب وَغَيره فَكَمَا لَا يقتض الْكَلَام الأول أَنه يَأْتِيهِ بِثَوْب لَا محَالة فَكَذَلِك فِي الْكَلَام الثَّانِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب الزِّيَادَة على النَّص هَل هِيَ نسخ أم لَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
قد قُلْنَا فِي هَذَا الْبَاب أَن قَاضِي الْقُضَاة قَالَ لَو خير الله بَين شَيْئَيْنِ واجبين ثمَّ أثبت لَهما ثَالِثا لَكَانَ ذَلِك نسخا لقبح تَركهمَا جَمِيعًا وَقُلْنَا نَحن إِن هَذَا رَافع لحكم عَقْلِي فَلَا يجوز أَن يُسمى نسخا
وَلقَائِل أَن يَقُول قبح الْإِخْلَال بهما لَيْسَ بِحكم عَقْلِي وَإِنَّمَا علم بِالشَّرْعِ وَهُوَ إِيجَابه عز وَجل فعل الشَّيْئَيْنِ على الْبَدَل فَوَجَبَ أَن يكون إِيجَاب الثَّالِث نَاسِخا لقبح تَركهمَا وَالْجَوَاب أَن قبح تَركهمَا والإخلال بهما يتبع إِيجَاب الله الْفِعْلَيْنِ على الْبَدَل وَيتبع أَنه مَا كَانَ يجب فعل ثَالِث مَعَهُمَا أَلا ترى أَنا لَو لم نعلم إِلَّا وجوب الشَّيْئَيْنِ على الْبَدَل وَلم نعلم أَن الثَّالِث لَا يجب بل جَوَّزنَا وُجُوبه لم نعلم قبح تَركهمَا لتجويزنا وجوب ثَالِث إِذا تركناهما إِلَيْهِ لم يقبح منا تَركهمَا كَمَا أَنا لَو علمنَا أَن الثَّالِث لَا يجب وَلم نعلم وجوب الْفِعْلَيْنِ لم نعلم قبح تَركهمَا وَمَعْلُوم أَن إِيجَاب الْفِعْلَيْنِ على الْبَدَل يَقْتَضِي أَن للإخلال بِكُل وَاحِد مِنْهُمَا تَأْثِيرا فِي اسْتِحْقَاق الذَّم وَلَا يتَعَرَّض للثَّالِث بايجاب وَلَا بِنَفْي إِيجَاب وَإِنَّمَا نعلم أَنه غير وَاجِب بَقَاء على حكم الْعقل فاذا كَانَ قبح تَركهمَا يتَفَرَّع على أَمر شَرْعِي وعَلى أَمر عَقْلِي لم يتَخَلَّص كَونه مَعْلُوما بِالشَّرْعِ فَلم يَصح القَوْل بِأَن رَفعه نسخ

الصفحة 426