كتاب المعتمد في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

مُجْتَهدا عِنْد حُدُوث الْحَادِثَة لَا من يَتَجَدَّد بعد ذَلِك فَلَا يلْزم اعْتِبَار عصر التَّابِعين إِذا حدث فيهم مُجْتَهد بعد حُدُوث الْحَادِثَة
وَاحْتج الْمُخَالف بأَشْيَاء
مِنْهَا أَن عليا عَلَيْهِ السَّلَام سُئِلَ عَن بيع أُمَّهَات الْأَوْلَاد فَقَالَ كَانَ رَأْيِي ورأي عمر أَن لَا يبعن ثمَّ رَأَيْت بيعهنَّ فَقَالَ لَهُ عُبَيْدَة السَّلمَانِي رَأْيك مَعَ الْجَمَاعَة أحب إِلَيّ من رَأْيك وَحدك فَدلَّ على أَنه كَانَ الْإِجْمَاع قد سبق وَالْجَوَاب أَنه قد رُوِيَ أَن جَابر بن عبد الله كَانَ يرى فِي زمن عمر جَوَاز بيعهنَّ فَلم يكن الْإِجْمَاع قد انْعَقَد وَقَول عُبَيْدَة السَّلمَانِي رَأْيك مَعَ الْجَمَاعَة أحب إِلَيّ من رَأْيك وَحدك يدل على أَنه قد كَانَ على قَول عمر جمَاعَة وَلَيْسَ قَول كل جمَاعَة هُوَ إِجْمَاع وَإِنَّمَا اخْتَار أَن يَنْضَم قَول عَليّ إِلَى قَول عمر لِأَنَّهُ رجح قَول الْأَكْثَر على قَول الْأَقَل
وَمِنْهَا أَن أَبَا بكر الصّديق كَانَ يرى التَّسْوِيَة فِي الْقِسْمَة وَلم يُخَالِفهُ أحد من الصَّحَابَة ثمَّ خَالفه عمر لما صَار الْأَمر إِلَيْهِ ففضل فِي الْقِسْمَة وَلم يُنكر عَلَيْهِ السّلف وَالْجَوَاب أَن عمر رَضِي الله عَنهُ قد كَانَ خَالفه فِي زَمَانه وناظره فَقَالَ لَهُ أَتجْعَلُ من جَاهد فِي سَبِيل الله بِمَالِه وَنَفسه كمن دخل فِي الاسلام كرها فَقَالَ إِنَّمَا عمِلُوا لله وَإِنَّمَا أُجُورهم على الله وَإِنَّمَا الدُّنْيَا بَلَاغ وَلم يرو أَن عمر رَجَعَ إِلَى قَول أبي بكر فَلَا يمْتَنع أَنه كَانَ يرى التَّفْضِيل فَلَمَّا صَار الْأَمر إِلَيْهِ فضل
وَمِنْهَا قَوْلهم إِن الْإِجْمَاع لَا يسْتَقرّ قبل انْقِرَاض الْعَصْر لِأَن النَّاس يكونُونَ فِي حَال تَأمل وفحص فَوَجَبَ وُقُوعه على انْقِرَاض الْعَصْر وَالْجَوَاب إِن أَرَادوا بِنَفْي الِاسْتِقْرَار نفي كَونه حجَّة فَذَلِك نفس الْمَسْأَلَة وَإِن أَرَادوا أَنه لَا ينْعَقد فَهُوَ خَارج عَمَّا نَحن بسبيله لأَنا إِنَّمَا تكلمنا على من قَالَ إِنَّه ينْعَقد وَلَا يكون حجَّة على أَن الْفَصْل بَين حَال التَّأَمُّل وَحَال الْقطع على الشَّيْء لَا يفْتَقر إِلَى

الصفحة 43