كتاب المعتمد في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

الْخَاص الْمُتَقَدّم فَلَو كَانَ الْمُتَأَخر أَعم لم يجب فِيهِ النّسخ وَلَيْسَ يتَخَلَّص أَن أحد هذَيْن العمومين أخص من الآخر فَيُقَال إِن الْمُتَأَخر مِنْهَا أخص من الْمُتَقَدّم فَيخرج مَا تنَاوله من الْمُتَقَدّم إِمَّا بنسخ أَو بِأَن يدل على مُقَارنَة الْمُخَصّص لَهُ فَبَان أَن مُجَرّد هَذَا التَّعَارُض لَا يَقْتَضِي على قَوْلهم لَا نسخا وَلَا تَخْصِيصًا وَأَنه يجب الرُّجُوع إِلَى التَّرْجِيح فان رجحنا الْمَعْلُوم مِنْهُمَا بِكَوْنِهِ مَعْلُوما أَو المظنون بِمَا يرجع إِلَى حكمه فَلَا بُد من أَن يخرج مَا تنَاوله من الآخر إِمَّا على جِهَة نسخ أَو تَخْصِيص وَلَيْسَ ينْقض ذَلِك قَوْلنَا إِنَّه يَجِيء على مَذْهَبهم أَن لَا ينسخوا وَلَا يخرجُوا من أَحدهمَا بعضه على جِهَة التَّخْصِيص لأَنا قُلْنَا لَا يجب ذَلِك لمُجَرّد التَّعَارُض قبل التَّرْجِيح وَلم نقل إِنَّهُم بعد التَّرْجِيح لَا يخرجُون من أحد العمومين بعض مَا تنَاوله بل قد دللنا بقوله إِنَّه يرجع إِلَى التراجيح على أَنه إِذا ترجح أَحدهمَا على الآخر فَحكم بِظَاهِرِهِ أَنه يخرج مَا تنَاوله من الْعُمُوم الآخر أَلا ترى أَنا إِذا رجحنا قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من نَام عَن صَلَاة أَو نَسِيَهَا فليصلها إِذا ذكرهَا وَقُلْنَا لَا يُصليهَا عِنْد قيام الظهيرة فقد أخرجنَا الصَّلَاة الْمُقْتَضِيَة من مُطلق نَهْيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الصَّلَاة فِي هَذَا الْوَقْت وَلَكِن لم نَفْعل ذَلِك لمُطلق التَّعَارُض فقد بَان أَن مَا حكمنَا بِهِ إِنَّمَا حكمنَا بِهِ على مُطلق التَّعَارُض قبل التَّرْجِيح لِأَن الْكَلَام إِنَّمَا هُوَ مَفْرُوض على مُجَرّد التَّعَارُض - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب الدّلَالَة على صِحَة القَوْل بِالْإِجْمَاع - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
قَول الله عز وَجل {كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس تأمرون بِالْمَعْرُوفِ وتنهون عَن الْمُنكر} خرج مخرج الْمَدْح وتمييز هَذِه الْأمة من سَائِر الامم فَلَا يجوز أَن يُرَاد بذلك أَنهم يأمرون بِبَعْض الْمَعْرُوف وَينْهَوْنَ عَن بعض الْمُنكر لِأَن كل أمة قد نهم عَن بعض الْمُنكر وَأمرت بِبَعْض الْمَعْرُوف وَلَا يجوز أَن يكون المُرَاد أَكثر مَا ينهون عَنهُ مُنكر لِأَن الْخِيَار من الْأُمَم السالفة الْأَكْثَر مِمَّا نهوا عَنهُ مُنكر وَلِأَن قَوْلنَا الْمُنكر إِمَّا أَن يكون لاستغراق

الصفحة 430