كتاب المعتمد في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

ذَلِك القَوْل الَّذِي لم ينتشر هُوَ الصَّوَاب كَانُوا قد عدلوا بأجمعهم عَن الصَّوَاب - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب فِي اسْم الْخَبَر وَحده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
قد حد الْخَبَر بِأَنَّهُ الَّذِي يدْخلهُ الصدْق وَالْكذب وَاعْترض ذَلِك بِأَن قَول الْقَائِل مُحَمَّد ومسيلمة صادقان خبر وَلَيْسَ بِصدق وَلَا كذب واجاب قَاضِي الْقُضَاة عَن ذَلِك بِأَنا أردنَا بِدُخُول الصدْق وَالْكذب أَن الْإِنْسَان إِذا صدق الْمخبر أَو كذبه لم يحظر اللُّغَة ذَلِك وَهَذِه صُورَة هَذَا الْخَبَر وَهَذَا يَقْتَضِي أَنه قد سلم أَن هَذَا الْخَبَر لَيْسَ بِصدق وَلَا كذب وَهَذَا يعْتَرض مَا يَقُوله من أَن كل خبر فانه لَا يَخْلُو من أَن يكون إِمَّا صَادِقا وَإِمَّا كَاذِبًا لِأَن هَذَا الْخَبَر قد خلا مِنْهُمَا وَإِذا حددنا الْخَبَر بِأَنَّهُ كَلَام يُفِيد بِنَفسِهِ إِضَافَة أَمر من الْأُمُور إِلَى أَمر من الامور نفيا أَو إِثْبَاتًا لم يلْزم إِذا قُلْنَا زيد الظريف فِي الدَّار أَن يكون قَوْلنَا زيد الظريف من جملَة هَذَا الْكَلَام خَبرا لِأَن ذَلِك لَا يُفِيد أَنه ظريف كَمَا أَنا إِذا قُلْنَا الظريف فِي الدَّار لَا يُفِيد أَنا حكمنَا بِأَن من أَشَرنَا إِلَيْهِ بِهَذَا الْكَلَام هُوَ ظريف وَإِنَّمَا أَشَرنَا إِلَيْهِ بقولنَا هُوَ ظريف ثمَّ أفدنا أَنه فِي الدَّار كَمَا نشِير بقولنَا زيد فِي الدَّار إِلَى أَنه فِي الدَّار وَلم نفد أَنه يُسمى زيدا وَلنَا أَن نحترس من ذَلِك ونقول الْخَبَر كَلَام تَامّ يُفِيد بِنَفسِهِ إِضَافَة أَمر من الْأُمُور إِلَى أَمر من الْأُمُور نفيا أَو إِثْبَاتًا ونعني بقولنَا كَلَام تَامّ أَنه لَا يَقْتَضِي بِوَقع كَلَام آخر بل تقع بِهِ الْفَائِدَة بِنَفسِهِ وَلَيْسَ كَذَلِك إِذا قُلْنَا زيد الظريف لِأَن ذَلِك لَيْسَ بِكَلَام تَامّ
فان قيل قَول الْقَائِل لَا ثَانِي لله عز وَجل هُوَ خبر وَلَيْسَ يُفِيد إِضَافَة أَمر إِلَى أَمر لِأَن الْوُجُود لَيْسَ بِصفة عنْدكُمْ وَلَا الثَّانِي ذاتا فتكونوا قد أضفتم نفي الصّفة إِلَى الذَّات الْجَواب إِنَّا نعني بقولنَا إِنَّه لَا ثَانِي للقديم هُوَ أَن مَا نعقله من ذَات لَهَا صفة الْقَدِيم لَيْسَ لَهَا وجود من خَارج عقلنا سوى الْقَدِيم عز وَجل فقد نَفينَا عَن عقلنا لما عَقَلْنَاهُ من ذَلِك أَن يتَعَلَّق بِذَات من خَارج لَيست بِذَات الْقَدِيم عز وَجل

الصفحة 435