كتاب المعتمد في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

الْمُجْمل لِأَن الْمُجْمل لَيْسَ يُنَافِي الْمفصل وَذَلِكَ لِأَن النِّيَّة هِيَ معنى مَا وَلَا يمْتَنع أَن لَا يكون الصّيام شرطا فِي الْعِبَادَة وَإِن كَانَ من شَرطهَا معنى هُوَ النِّيَّة وَإِنَّمَا يجب أَن تبطل الْعلَّة إِذا تعلق بهَا حكمان يمْتَنع اجْتِمَاعهمَا لِأَنَّهُ لَا يكون ثُبُوت أَحدهمَا لأَجلهَا أولى من ثُبُوت الآخر وَلَيْسَ يُمكن أَن يتَعَلَّق بِالْعِلَّةِ الْوَاحِدَة حكمان مفصلان يتناقضان لِأَن الْحكمَيْنِ مَتى تناقضا وَجب أَن يكون أَحدهمَا كذبا وَالْآخر صدقا وَمن حق الْقيَاس إِذا قلب أَن يكون الَّذِي يقلبه وَالَّذِي قلب عَلَيْهِ صَادِقين فِي الحكم وَالضَّرْب الآخر فِي الْقلب هُوَ قلب التَّسْوِيَة وَهُوَ أَن يَقُول القالب فَوَجَبَ أَن يَسْتَوِي كَذَا مَعَ كَذَا فاذا ثَبت وجوب استوائهما فِي الحكم وَكَانَ أَحدهمَا مَحْظُورًا وَجب أَن يكون الآخر مثله فان كَانَ الْقلب ينْتَقض أَو يلْحقهُ وَجه آخر من وُجُوه الْفساد لم تبطل الْعلَّة لِأَن الْعلَّة إِنَّمَا تبطل إِذا أمكن أَن يعلق بهَا حكمان نقيضان وَلَا يكون تعلق أَحدهمَا اولى من الآخر فاذا انتقضت الْعلَّة مَعَ اُحْدُ الْحكمَيْنِ كَانَ تَعْلِيق الحكم الآخر بهَا أولى وَأما النَّقْض فَهُوَ وجود الْعلَّة فِي مَوضِع قد عدم حكمهَا عَنهُ وَلِهَذَا مَتى علل الْمُعَلل للجملة ثمَّ نوقض بالتفضيل لم يكن ذَلِك نقضا لِأَن حكم الْعلَّة هُوَ الْجُمْلَة وَلم يعْدم هَذَا عَن الْموضع الَّذِي وجدت فِيهِ الْعلَّة وَإِنَّمَا عدم الحكم الْمفصل وَالْحكم الْمفصل لم يكن حكمهَا الَّذِي علق بهَا فَأَما إِن علل مُعَلل للتفصيل فنوقض بِالْجُمْلَةِ فانه يكون نقضا صَحِيحا لِأَن الْجُمْلَة يدْخل فِيهَا التَّفْصِيل أَلا ترى أَن من علل وجوب الْقيَاس فِي قتل الذِّمِّيّ عمدا بانه حر مُكَلّف فنوقض بالحربي لِأَنَّهُ حر مُكَلّف وَلَا يثبت بَيْننَا وَبَينه قصاص أصلا لَا عمدا وَلَا خطأ فقد نوقض بِنَفْي الْحكمَيْنِ فِي الْجُمْلَة وَالتَّفْصِيل دَاخل فِيهِ وَهُوَ وجوب الْقصاص فِي قتل الْعمد وَمِثَال النَّقْض بالتفصيل إِذا ورد على الْجُمْلَة أَن يُعلل مُعَلل قتل الْمُسلم بالذمي لِأَنَّهُمَا حران مكلفان محقونا الدَّم فَوَجَبَ أَن يثبت بَينهمَا قصاص فتناقض بِالْمُسلمِ إِذا قتل ذِمِّيا خطأ وَهَذَا لَيْسَ بِنَقْض صَحِيح لِأَن الْمُعَلل إِنَّمَا أثبت بَينهمَا قصاصا على بعض الْوُجُوه وَلَيْسَ ينْتَقض هَذَا إِلَّا بِأَن يُؤْخَذ حران مكلفان

الصفحة 453