كتاب المعتمد في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

محقونا الدَّم وَلَا يثبت بَينهمَا قصاص بِوَجْه وَقد يحترس من النَّقْض بِوُجُوه مِنْهَا الاحتراس بِالْأَصْلِ وَمِنْهَا الاحتراس بِشَرْط يذكر فِي حكم الْعلَّة وَمِنْهَا الاحتراس بِحَذْف الحكم والاقتصار على التَّشْبِيه بِالْأَصْلِ مِثَال الاحتراس بِالْأَصْلِ أَن يُعلل مُعَلل قتل الْمُسلم بالذمي بِأَنَّهُمَا حران مكلفان محقونا الدَّم كالمسلمين فاذا نوقض بقتل الْخَطَأ قَالَ إِنِّي إِنَّمَا رددت الْفَرْع إِلَى الْمُسلم وَأَنا أَقُول فِي الْفَرْع مثل مَا قلته فِي الأَصْل فَأَنا أوجب الْقصاص فِي الْعمد دون الْخَطَأ وَهَذَا الاحتراس لَا يَصح لِأَن النَّقْض هُوَ عدم الحكم عَن الْمَوْضُوع الَّذِي وجدت فِيهِ الْعلَّة الملفوظ بهَا لِأَن الْعلَّة الملفوظ بهَا هِيَ المؤثرة فِي الحكم لَا غَيره وَالْحكم هُوَ الْمَنْطُوق بِهِ لَا غير فاذا فعل ذَلِك تمّ النَّقْض وَقَول الْمُعَلل إِنِّي أوجب فِي الْفَرْع مثل مَا يجب فِي الأَصْل لَا يَصح لِأَنَّهُ إِنَّمَا اقْتضى لَفظه أَن يُسَوِّي بَين الْفَرْع وَالْأَصْل فِيمَا صرح بِهِ من ثُبُوت الْقيَاس وَمَا عدا ذَلِك لم يدل عَلَيْهِ لَفْظَة وَإِنَّمَا أضمره والنقض إِنَّمَا يتَوَجَّه نَحْو الْمظهر دون الْمُضمر وَأما الاحتراس بِحَذْف الحكم فَهُوَ أَن يذكر الْمُعَلل الْعلَّة وَلَا يذكر الحكم وَلكنه يَقُول عقيب الْعلَّة فَأشبه الْفَرْع كَيْت وَكَيْت وَقد يفعل ذَلِك إِذا لم يُمكن التَّصْرِيح بالحكم وَهَذَا الْحَذف لَا يَصح لِأَنَّهُ قَوْله فَأشبه كَيْت وَكَيْت هُوَ حكم بَان الْفَرْع يشبه كَيْت وَكَيْت وَإِذا كَانَ ذَلِك حكما احْتَاجَ إِلَى أصل يرد إِلَيْهِ الْفَرْع وَأما الاحتراس بِشَرْط مَذْكُور فِي الحكم فمثاله إِن يَقُول الْمُعَلل لِأَنَّهُمَا حران مكلفان محقونا الدَّم فَوَجَبَ أَن يكون بَينهمَا قصاص إِذا قتل أَحدهمَا صَاحبه عمدا فاذا نوقض بقتل الْخَطَأ قَالَ قد احترست فِي الحكم بِقَوْلِي قَتله عمدا وَلقَائِل أَن يَقُول إِن الاحتراس فِي الحكم هُوَ إِقْرَار بانتقاض الْعلَّة وَذَلِكَ أَن الْمُعَلل قد حكم بِأَن الْعلَّة هِيَ كَونهمَا حُرَّيْنِ مكلفين محقوني الدَّم فَقَط وَأَنه لَا يدْخل فِي الْعلَّة غير ذَلِك فاذا قَالَ إِن هَذَا يُوجب الْقصاص فِي قتل الْعمد دون الْخَطَأ مَعَ وجود هَذِه الْأَوْصَاف فقد أقرّ بَان الْعلَّة تُوجد فِي موضِعين ويتبعها حكمهَا فِي أَحدهمَا دون الآخر فان قيل لإنه لَا يمْتَنع أَن تكون هَذِه

الصفحة 454