كتاب المعتمد في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

الْأَوْصَاف أَعنِي الْحُرِّيَّة والتكليف وحقن الدَّم إِنَّمَا تُؤثر فِي إِيجَاب الْقصاص فِي قتل الْعمد دون الْخَطَأ قيل إِن كَانَت هَذِه الْأَوْصَاف تُؤثر فِي أحد الْمَوْضِعَيْنِ دون الآخر لِمَعْنى اخْتصَّ يه أَحدهمَا أَعنِي قتل الْعمد فَيَنْبَغِي أَن يذكر ذَلِك فِي جملَة الْعلَّة إِذا كَانَ لَهُ تَأْثِير فِي إِيجَاب الْقصاص وَإِن كَانَت الْأَوْصَاف تُؤثر فِي الْحكمَيْنِ وَيَقْتَضِي أَحدهمَا فِي أحد الْمَوْضِعَيْنِ دون الآخر لَا لأمر افترق فِيهِ الموضعان فكأنكم قُلْتُمْ إِن الْعلَّة تَقْتَضِي الحكم فِي مَوضِع وَلَا تَقْتَضِيه فِي مَوضِع آخر وَإِن كَانَ وجودهَا فيهمَا على حد سَوَاء وَهَذَا هُوَ حَقِيقَة النَّقْض ولمجيب أَن يُجيب عَن هَذَا فَيَقُول إِن الشَّرْط الْمَذْكُور فِي الحكم هُوَ مُتَأَخّر فِي اللَّفْظ ومتقدم فِي الْمَعْنى لِأَن قَوْلنَا إنَّهُمَا حران مكلفان فَوَجَبَ أَن يجب الْقصاص بَينهمَا على الْقَاتِل عمدا مَعْنَاهُ لِأَنَّهُمَا حران مكلفان محقونا الدَّم قتل أَحدهمَا صَاحبه عمدا وَذَلِكَ لأَنا قد علمنَا أَن قتل الْعمد مِمَّا لَهُ تَأْثِير فِي الْقصاص وَهَذَا يَقْتَضِي أَنه وَإِن ذكر فِي الحكم فَهُوَ مَذْكُور على أَنه من جملَة الْعلَّة وَأما الْكسر فَهُوَ نقض الْعلَّة على مَعْنَاهَا دون لَفظهَا وَذَلِكَ بِأَن يرفض وَصفا من أَوْصَاف الْعلَّة ظنا مِنْهُ أَنه غير مُؤثر وَأَن الَّذِي يجوز أَن يتَعَلَّق بِهِ الحكم هُوَ مَا عدا ذَلِك الْوَصْف وتبدل من الْوَصْف الَّذِي رفضته وَصفا هُوَ أَعم مِنْهُ ثمَّ تنقض مَا عدا ذَلِك الْوَصْف وَمَتى رام الْمُعَلل أَن يُجيب عَن الْكسر وَجب عَلَيْهِ أَن يبين أَن للوصف الَّذِي رفضه خَصمه تَأْثِيرا فِي الحكم حَتَّى يجب إِضَافَته إِلَى غَيره من الْأَوْصَاف فَيمْتَنع فِي الْبَعْض مِثَال ذَلِك أَن يُعلل مُعَلل وجوب صَلَاة الْخَوْف بِأَنَّهَا صَلَاة يجب قَضَاؤُهَا كَصَلَاة الْأَمْن فيظن المعرض أَنه لَا تَأْثِير لكَون الْعِبَادَة صَلَاة فِي هَذَا الحكم وَأَن الَّذِي يظنّ أَنه مُؤثر فِي الْوُجُوب هُوَ وجوب الْقَضَاء ثمَّ ينْقض ذَلِك بِصَوْم الْحَائِض فِي شهر رَمَضَان أَنه لَيْسَ بِوَاجِب مَعَ أَن قَضَاؤُهُ وَاجِب وَمَتى رام الْمُعَلل أَن يُجيب عَن ذَلِك وَجب عَلَيْهِ أَن يبين أَن لكَون الْعِبَادَة صَلَاة تَأْثِيرا فِي كَون وجوب الْقَضَاء مؤثرا فِي وجوب الْعِبَادَة وَأَن الصَّلَاة تخَالف الصّيام فِي هَذَا الْبَاب وَقد سمي الْكسر عكسا وَهَذَا الْعَكْس هُوَ مُخَالف لعكس الْعلَّة الْمُقَابل للطرد لِأَن

الصفحة 455