كتاب المعتمد في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

عَلَيْهَا والاخرى مَعْلُومَة بِمَفْهُوم النَّص أَو إِحْدَاهمَا طريقها مَفْهُوم النَّص وَطَرِيق الاخرى الاستنباط أما التَّرْجِيح بِالتَّعَدِّي فبأن تكون إِحْدَاهمَا متعدية دون الاخرى أَو بِأَن تكون إِحْدَاهمَا أَكثر فروعا من الاخرى هَذَا على قَول الْأَكْثَر لَا يفْسد الْعلَّة إِذا لم تكن متعدية وَأما إِذا عورض الْقيَاس بِقِيَاس فانه يتَّجه علته من الْكَلَام فِي إفساده وَتَصْحِيح علته مَا قد سلف فاذا اسْتَويَا رجح أَحدهمَا على الآخر
وترجيح الْقيَاس يكون بِمَا يرجع إِلَى أَصله أَو إِلَى حكمه أَو إِلَى علته أما التَّرْجِيح بِمَا يرجع إِلَى الْعلَّة فقد سلف القَوْل فِيهِ إِلَّا أَن التَّرْجِيح بِالتَّعَدِّي لَا يُمكن هَهُنَا لِأَن هَذِه الْعلَّة متعدية إِذْ كَانَ قد جمع بهَا بَين أصل وَفرع وَأما التَّرْجِيح بِمَا يرجع إِلَى الأَصْل فبأن يكون طَرِيق ثُبُوت الحكم فِي أَحدهمَا أقوى من طَرِيق ثُبُوته فِي الآخر بِأَن يكون طَرِيق تَعْلِيل أحد الْأَصْلَيْنِ أقوى من طَرِيق تَعْلِيل الآخر فاذا كَانَ حكم الأَصْل مِنْهُ يُسْتَفَاد حكم الْفَرْع وَكَانَ فِي أَحدهمَا أقوى وَجب أَن يكون أحد القياسين أقوى وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ طَرِيق صِحَة عِلّة أَحدهمَا أقوى وَأما التَّرْجِيح بِمَا يرجع إِلَى الحكم فبأن يكون أحد الْحكمَيْنِ أحوط نَحْو أَن يكون احدهما وجوبا وَالْآخر ندبا أَو بِأَن يكون أَحدهمَا حظرا وَالْآخر مُبَاحا فَيكون الْحَظْر أولى لِأَنَّهُ أحوط أَو بِأَن يكون أحد الْحكمَيْنِ قد ندبنا إِلَى إِسْقَاطه بِالشُّبْهَةِ كالحدود وَقد ذهب إِلَى التَّرْجِيح بذلك بعض النَّاس دون بعض
وَقد ترجح الْعلَّة بِأَن يعضدها ظَاهر لِأَن ذَلِك يَقْتَضِي أَنَّهَا أولى من عِلّة لم يعضدها ظَاهر
قد أَتَيْنَا على الْكَلَام فِي تَصْحِيح الْعلَّة وَفِي إفسادها وترجيحها وإفسادها لَا يخرج عَن الْأَقْسَام الَّتِي ذَكرنَاهَا وَذَلِكَ لِأَن الطعْن على الْعلَّة نَفسهَا إِمَّا أَن يكون بِوَجْه مُنْفَصِل عَنْهَا أَو بِوَجْه يرجع إِلَيْهَا أما الْوَجْه الْمُنْفَصِل عَنْهَا فَهُوَ مُعَارضَة الْعلَّة بعلة وَأما الْمُتَّصِل بهَا فضربان أَحدهمَا أَن يكون لَهُ تعلق

الصفحة 458