كتاب المعتمد في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

مِنْهَا قَوْله تَعَالَى {وَيتبع غير سَبِيل الْمُؤمنِينَ} وَالدَّلِيل الثَّانِي غير سَبِيل الْمُؤمنِينَ فالوعيد لَاحق بِمن اتبعهُ وَالْجَوَاب أَن قَوْله تَعَالَى {وَيتبع غير سَبِيل الْمُؤمنِينَ} خرج مخرج الذَّم لمن اتبع غير سبيلهم فالمفهوم مِنْهُ من اتبع مَا نَفَاهُ الْمُؤْمِنُونَ وحكموا بإبطاله دون مَا لم يحكموا بفساده بل لَو اتّفق لَهُم لجَاز أَن يَقُولُوا بِهِ أَلا ترى أَنه لَو لم تحدث الْمَسْأَلَة فِي الْعَصْر الأول وَحدثت فِي الْعَصْر الثَّانِي جَازَ أَن يَقُول أهل الْعَصْر الثَّانِي فِيهَا قولا وَلَا يُقَال إِن ذَلِك اتِّبَاع غير سَبِيل الْمُؤمنِينَ مِمَّن تقدم لما لم يَكُونُوا قد نفوه وحكموا بإبطاله
وَمِنْهَا أَن قَوْله تَعَالَى {كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس تأمرون بِالْمَعْرُوفِ وتنهون عَن الْمُنكر} يدل على أَنهم يأمرون بِكُل مَعْرُوف لأجل لَام الْجِنْس فَلَو كَانَ الدَّلِيل الثَّانِي مَعْرُوفا لأمروا بِهِ وَالْجَوَاب أَن قَوْله وتنهون عَن الْمُنكر يَقْتَضِي أَيْضا أَن ينهوا عَن كل مُنكر فَلَو كَانَ الدَّلِيل الثَّانِي بَاطِلا لَكَانَ مُنْكرا ولنهوا عَنهُ فلنا فِي الظَّاهِر مثل مَا لَهُم
وَمِنْهَا أَن قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمتِي لَا تَجْتَمِع على خطأ يدل على أَن مَا ذَهَبُوا عَنهُ لَيْسَ بخطأ وَقد ذَهَبُوا على الدَّلِيل الثَّانِي فَلم يكن ذهابهم عَنهُ خطأ وَإِذا لم يكن خطأ لم يكن مَا ذَهَبُوا عَنهُ دَلِيلا وَالْجَوَاب إِن أردتم بقولكم ذَهَبُوا عَن الدَّلِيل الثَّانِي أَنهم حكمُوا بفساده لم يُوجد ذَلِك فِي مَسْأَلَتنَا وَإِن أردتم أَنهم لم ينصوا على أَنه دَلِيل أَو لم يستدلوا بِهِ فَذَلِك صَحِيح وتركهم الِاسْتِدْلَال بِهِ وَالنَّص على كَونه دَلِيلا لَيْسَ بخطأ وَلَا يجب من ذَلِك فَسَاد الدَّلِيل لِأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ تَركهم الِاسْتِدْلَال بِهِ غير خطأ لاستغنائهم بدليلهم عَنهُ
وَمِنْهَا قَوْلهم إِنَّه لَو جَازَ أَن يذهب على أهل الْعَصْر الأول الدَّلِيل الثَّانِي جَازَ أَن يوحي الله تَعَالَى إِلَى نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَلِيلين على حكم وَاحِد فَيسنّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَلِك الحكم لأجل أحد الدَّلِيلَيْنِ دون الآخر وَالْجَوَاب أَن يُقَال لَهُم قد

الصفحة 52