كتاب المعتمد في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَا يجوز أَن نعلم أَن قصد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِكَلَامِهِ هُوَ ظَاهره ونعلم أَن قصدهم بكلامهم ظَاهره مَعَ تعَارض الْكَلَامَيْنِ لِأَن الْأَدِلَّة لَا تتناقض ثمَّ لَا يَخْلُو إِمَّا أَن نعلم أَن قصد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ظَاهره أَو نعلم أَن قصد الامة بكلامهم هُوَ ظَاهره أَو لَا نعلم قصد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا قصد الامة فان علمنَا قصد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجب تَأْوِيل كَلَام الامة على مُوَافقَة كَلَام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِن علمنَا قصد الامة بكلامهم وَجب تَأْوِيل قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِن لم نعلم قصد أَحدهمَا فان كَانَ أَحدهمَا أخص من الآخر خصصنا الْأَعَمّ بالأخص وَإِن لم يكن أَحدهمَا أخص من الآخر فانهما يتعارضان لِأَنَّهُ يحْتَمل أَن تكون الامة قد عرفت أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قصد بِكَلَامِهِ غير ظَاهره وَيحْتَمل أَن تكون عرفت أَنه قصد ظَاهر كَلَامه وأرادت هِيَ بكلامها غير ظَاهره وَيحْتَمل أَو يُقَال لَو علمت أَن النَّبِي أَرَادَ بِكَلَامِهِ ظَاهره لما أطلقت كلَاما يُفِيد ظَاهره مُخَالفَته فَلَا بُد وَالْحَال هَذِه من أَن تكون قد علمت أَنه أَرَادَ بِكَلَامِهِ غير ظَاهره
وَأما نسخ أَحدهمَا بِالْآخرِ فَلَا يَصح وَقد تكلمنا فِي ذَلِك فِي بَاب النَّاسِخ والمنسوخ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب فِي أَن الْأمة لَا تَجْتَمِع إِلَّا عَن طَرِيق - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
اعْلَم أَن الْأمة لَا تَجْتَمِع إِلَّا عَن دلَالَة أَو أَمارَة وَلَا تَجْتَمِع عَبَثا ذكر قَاضِي الْقُضَاة فِي الشَّرْح أَن قوما أَجَازُوا انْعِقَاد الْإِجْمَاع عَن توفيق لَا توفيق بِأَن يوفقهم الله تَعَالَى لاختيار الصَّوَاب وَإِن لم يكن لَهُم دلَالَة وَلَا أَمارَة وَالدَّلِيل على الْمَنْع من ذَلِك أَن مَعَ فقد هَذِه الدّلَالَة والأمارة لَا يجب الْوُصُول إِلَى الْحق وَلِأَنَّهُم لَيْسُوا بآكد حَالا من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعْلُوم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يَقُول الا عَن وَحي فالامة أولى أَن لَا تَقول إِلَّا أَن عَن دَلِيل وَلِأَنَّهُ لَو جَازَ لَهُم ذَلِك لَكَانَ قد جَازَ لكل وَاحِد مِنْهُم أَن يَقُول بِغَيْر دلَالَة لأَنهم إِنَّمَا يَجْتَمعُونَ على القَوْل بِأَن

الصفحة 56