كتاب المعتمد في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

منَازِل مَكَّة وَلَا آبار هوَازن ومياههم وَأما أَخذ الزَّكَاة من الْخَيل فَلَيْسَ باجماع وَلَوْلَا أَنه قد علم من أوجبهَا من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِمَّا دلّ على أَخذ الزَّكَاة مِنْهَا إِذا كثرت لَكَانَ إِيجَابه لَهَا نسخا للشريعة وَلما ترك النكير عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب فِي الْأمة إِذا أَجمعت على مُوجب الْخَيْر هَل يكون الْخَبَر طَرِيقا إِلَى مَا أَجمعت عَلَيْهِ الْأمة أم لَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
اعْلَم أَن الْأمة إِذا أَجمعت على حكم كَانَ فِي الْأَخْبَار مَا يدل عَلَيْهِ فاما أَن يكون خبر وَاحِد أَو متواترا فان كَانَ متواترا فاما أَن يكون نصا لَا يحْتَاج مَعَه إِلَى اسْتِدْلَال طَوِيل واجتهاد أَو يحْتَاج مَعَه إِلَى ذَلِك فان كَانَ نصا علمنَا أَنهم أَجمعُوا لأَجله لِأَنَّهُ لَا يجوز مَعَ تواتره أَن لَا يقفوا عَلَيْهِ مَعَ طَلَبهمْ لما يدل على الحكم وَلَا يجوز مَعَ ظُهُوره أَن لَا يَدعُوهُم إِلَى الحكم فَيكون طريقهم إِلَيْهِ سَوَاء ظهر فيهم خبر مثله أَو لم يظْهر وَإِن كَانَ يحْتَاج فِي الِاسْتِدْلَال بِهِ إِلَى اجْتِهَاد طَوِيل وَبحث لم يمْتَنع أَن يَكُونُوا اجْمَعُوا لأَجله وَلم يمْتَنع أَجمعُوا لأجل خبر متواتر هُوَ أجلى مِنْهُ لم ينْقل اكْتِفَاء بِالْإِجْمَاع إِذا اسْتدلَّ بِهِ بَعضهم وَاسْتدلَّ الْبَاقُونَ بِخَبَر آخر أَو بِقِيَاس
وَإِن كَانَ الْخَبَر مَنْقُولًا بالآحاد لم يخل إِمَّا أَن يروي لنا أَنه ظهر فيهم أَو لَا يروي ذَلِك فان لم يرو ذَلِك جَوَّزنَا أَن يكون ظهر فيهم فَلم ينْقل إِلَيْنَا ظُهُوره فَأَجْمعُوا لأَجله وجوزنا أَن يكون ظهر فيهم خبر آخر أَجمعُوا أَو بَعضهم لأَجله وَلم ينْقل إِلَيْنَا اكْتِفَاء بِالْإِجْمَاع لِأَنَّهُ إِذا جَازَ أَن يكون ذَلِك الْخَبَر كَانَ ظَاهرا فيهم فَلم ينْقل ظُهُوره إِلَيْنَا جَازَ أَن يظْهر فيهم خَبرا آخر فَلَا ينْقل إِلَيْنَا أصلا وَإِن كَانَ قد روى أَن ذَلِك الْخَبَر قد كَانَ ظهر فيهم فإمَّا أَن يروي بالتواتر أَو بالآحاد فان كَانَ قد روى بالآحاد وجوزنا صدق الرَّاوِي وَأَن يَكُونُوا أَجمعُوا لأَجله وجوزنا كذبه فَلَا يقطع على أَنهم أَجمعُوا لأَجله

الصفحة 58