كتاب المعتمد في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

من اجْتِمَاعهم على الأمارة الْخفية لهَذِهِ الشُّبْهَة وَأَيْضًا فان من اعْتقد قبح الحكم بالأمارة ثمَّ حكم بهَا لاعْتِقَاده فِيهَا أَنَّهَا دلَالَة فقد أقدم على اعْتِقَاد لَا يَأْمَن كَونه قبيحا وَذَلِكَ قَبِيح وغذا كَانَ كَذَلِك لم تكن كل الْأمة قد أَصَابُوا فِي ذَلِك الحكم وَلَا يجوز أَن تجمع الامة فَلَا يكون كل وَاحِد مِنْهُم مصيبا فِيمَا أَجمعُوا عَلَيْهِ
وَبِهَذَا يُجَاب من انْفَصل عَن الشُّبْهَة بِأَن قَالَ لَا يمْتَنع فِيمَن اعْتقد قبح الحكم بالأمارة أَن يحكم بهَا وَإِن علم أَنَّهَا أَمارَة إِذا لم يجد سواهَا إِذْ لَا يمْتَنع فِي بعض الامة أَن يُنَاقض
وَأما الْمَنْع من انْعِقَاد الْإِجْمَاع عَن اجْتِهَاد لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى اجْتِمَاع أَحْكَام متنافية فَهُوَ أَن يُقَال إِن الحكم الصَّادِر عَن اجْتِهَاد لَا يفسق مُخَالفَة وَيجوز مُخَالفَته فَلَا يَجْعَل أصلا وَلَا يقطع عَلَيْهِ وَلَا على تعلقه بالأمارة وَالْحكم الْمجمع عَلَيْهِ لَا يجوز مُخَالفَته ويفسق مخالفه وَيجْعَل أصلا وَيقطع عَلَيْهِ وعَلى تعلقه بطريقه فَلَو صدر الْإِجْمَاع عَن اجْتِهَاد لأجتمعت فِيهِ هَذِه الْأَحْكَام على تنافيها وَالْجَوَاب أما قَوْلهم إِن الحكم الْمُجْتَهد فِيهِ يجوز مُخَالفَته فان الْقَائِلين بِأَن الْحق فِي وَاحِد لَا يجوزون لأحد مُخَالفَة الْحق فِي مسَائِل الِاجْتِهَاد أَلا تراهم يخطئون من خالفهم وَإِن أسقطوا عَنهُ المأثم وَكثير مِنْهُم يجوز للمقلد أَن يُقَلّد من يفتيه بِخِلَاف الْحق وَلَا يجوز ذَلِك فِيمَا اتّفق عَلَيْهِ وَيَقُول إِن ذَلِك من حق الِاجْتِهَاد إِلَّا أَن يصدر عَنهُ الْإِجْمَاع فان صدر عَنهُ الْإِجْمَاع لم يجز التَّقْلِيد فِي خِلَافه فَأَما الْقَائِلُونَ بِأَن كل مُجْتَهد مُصِيب فانهم يجوزون لغَيرهم من الْمُجْتَهدين أَن يخالفوهم فِي الحكم الَّذِي قَالُوهُ عَن اجْتِهَاد وَلَا يجوزون مثله فِيمَا اتّفق عَلَيْهِ وَيَقُولُونَ إِن جَوَاز الْمُخَالفَة من حكم الِاجْتِهَاد إِذا لم يقْتَرن بِهِ إِجْمَاع وَلَيْسَ هُوَ من حكمه على الْإِطْلَاق فَيلْزم التَّنَافِي كَمَا أَن ذَلِك من حكم الِاجْتِهَاد إِذا لم يقْتَرن بِهِ تصويب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَن الْمُجْتَهد لَو اجْتهد مَعَ غيبَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَبَلغهُ ذَلِك فصوبه وَحكم بِهِ فانه لَا يجوز مُخَالفَته فَبَان أَن جَوَاز

الصفحة 62