كتاب المعتمد في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

يكون على مَا ذَكرْنَاهُ الْآن
وَأما قَوْلهم إِن الحكم الصَّادِر عَن اجْتِهَاد غير مَقْطُوع بِهِ وعَلى تعلقه بالأمارة فجواب أَكثر من يَقُول بِأَن الْحق فِي وَاحِد أَن ذَلِك هُوَ من حق الِاجْتِهَاد إِذا انْفَرد عَن إِجْمَاع أَو تصويب من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاذا اقْترن بِهِ أَحدهمَا قطع بِهِ وعَلى تعلقه بالأمارة وَإِنَّمَا يعلم تعلقه بالأمارة بِمَا اقْترن بِهِ وَيجْرِي مجْرى أَن يكون وقُوف غُلَام زيد على بَاب الْأَمِير أَمارَة على كَون زيد فِي الدَّار فاذا شَاهَدْنَاهُ فِيهَا أَو أخبرنَا نَبِي قَطعنَا على كَونه فِيهَا وَأَن حكم الأمارة مُتَعَلق بهَا وَكَذَلِكَ إِذا علمنَا صِحَة الْإِجْمَاع ثمَّ أَجمعُوا عَن أَمارَة وَأما الْقَائِلُونَ إِن كل مُجْتَهد مُصِيب فانهم يَقُولُونَ إِن الْمُجْتَهدين يقطعون على لُزُوم الحكم لمن أَدَّاهُ اجْتِهَاده إِلَيْهِ كَمَا يقطعون على لُزُوم الحكم الْمجمع عَلَيْهِ ويقطعون على أَنه غير لَازم لمن لم يؤده اجْتِهَاده إِلَيْهِ وَيَقُولُونَ هَذَا حكم الِاجْتِهَاد مَا لم يقْتَرن بِهِ إِجْمَاع وَلَا تصويب من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَذكر فِي الشَّرْح أَن الْأمة إِذا أَجمعت على حكم الأمارة لم يقطع على تعلق الحكم بهَا إِلَّا أَن تكون أَمارَة وَاحِدَة وَتجمع الامة على تعلق الحكم بهَا وَمَتى لم يجْتَمع كلا الشَّرْطَيْنِ لم يقطع على ذَلِك وَالْأولَى أَن يُقَال يقطع على تعلق الحكم بهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ لذَلِك معنى أَكثر من ثُبُوت حكمهَا كَمَا ذَكرْنَاهُ فِي علمنَا بِأَن زيدا فِي دَار الْأَمِير إِذا شَاهَدْنَاهُ فِيهَا بعد مشاهدتنا لوقوف غُلَامه على الْبَاب وَيدل على جَوَاز وُقُوع الْإِجْمَاع عَن اجْتِهَاد أَنه قد وَقع ذَلِك وَلم يكن ليَقَع إِلَّا ووقوعه جَائِز وَيدل على وُقُوعه إِجْمَاع الصَّحَابَة من جِهَة الِاجْتِهَاد على مبلغ حد الشّرْب وإجماعهم على قتال أهل الرِّدَّة وإمامة أبي بكر وَذكرهمْ وَجه اجتهادهم فان أَبَا بكر قَالَ لَا أفرق بَين مَا جمع الله تَعَالَى فقاس الزَّكَاة على الصَّلَاة فِي وجوب قتال المخل بهَا وَلَو كَانَ مَعَهم فِي قتال مَا نعي الزَّكَاة نَص لنقلوه وَقد ذكرُوا فِي إِمَامَة أبي بكر تَقْدِيم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِيَّاه فِي الصَّلَاة وَلقَائِل أَن يَقُول إِنَّمَا احْتج أَبُو بكر بِالْآيَةِ على وجوب الزَّكَاة ثمَّ اسْتَفَادَ

الصفحة 64