كتاب المعتمد في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

وجوب قِتَالهمْ من أجل أَن إِنْكَار الْمُنكر يكون بالْقَوْل فان نفع وَإِلَّا فبالقتال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب فِي الطَّرِيق إِلَى معرفَة الْإِجْمَاع - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
اعْلَم أَنه إِذا لزمنا الْمصير إِلَى الْإِجْمَاع فَلَا بُد من أَن يكون لنا طَرِيق إِلَى الْعلم بِهِ وَلَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون الْإِجْمَاع مَعْلُوما بِالْعقلِ ضَرُورَة أَو اسْتِدْلَالا وَإِمَّا مَعْلُوما بالإدراك وَمَعْلُوم أَنا لَا نعلم بِأول الْعقل أَن الْأمة مجمعة على حكم من الْأَحْكَام وَلَا باستدلال عَقْلِي فَبَقيَ أَن الْإِدْرَاك هُوَ الطَّرِيق إِلَى ذَلِك إِمَّا أَن ندرك قَوْلهم بِالسَّمَاعِ أَو نشاهدهم يَفْعَلُونَ فعلا وَإِمَّا أَن نسْمع الْخَبَر عَنْهُم وَإِذا لم يجز أَن يكون الْمخبر عَنْهُم هُوَ الله وَرَسُوله لِأَن الْوَحْي مُرْتَفع كَانَ الْمخبر عَن الْأمة غَيرهمَا فَثَبت أَن طَرِيق الْإِجْمَاع هُوَ سَمَاعنَا اقاويلهم ومشاهدهم فاعلين أَو النَّقْل عَنْهُم وَالسَّمَاع إِمَّا أَن يتَنَاوَل قَول كل وَاحِد مِنْهُم أَو يتَنَاوَل قَول بَعضهم فان تنَاول قَول كل وَاحِد مِنْهُم كَانَ طَرِيقا كَافِيا وَإِن تنَاول قَول بَعضهم لم يكن طَرِيقا إِلَى إِجْمَاعهم إِلَّا بِأحد أَمريْن إِمَّا أَن ينْقل لنا ذَلِك القَوْل عَن البَاقِينَ وَإِمَّا أَن ينْقل سكُوت البَاقِينَ عَن النكير مَعَ انتشار القَوْل فيهم وارتفاع التقية وَالنَّقْل عَنْهُم إِمَّا أَن يكون نقلا عَن جَمِيعهم فيكتفى بِهِ وَإِمَّا أَن يكون نقلا عَن بَعضهم فَلَا يكون طَرِيقا إِلَّا بِأَن نسْمع من البَاقِينَ مثل ذَلِك القَوْل وَإِمَّا بِأَن نعلم سكُوت البَاقِينَ عَن النكير مَعَ انتشار القَوْل فيهم
وَالْخَبَر عَن المجمعين ضَرْبَان تَوَاتر وآحاد وكل وَاحِد مِنْهُمَا طَرِيق إِلَى الْإِجْمَاع وَنحن نذْكر القَوْل الْمُنْتَشِر فِي الصَّحَابَة لدُخُوله فِي الْجُمْلَة الَّتِي ذَكرنَاهَا ولتعلق شُبْهَة الْمُخَالف بِهِ فَنَقُول إِن قَول بعض أهل الْعَصْر إِذا انْتَشَر فِي جَمِيعهم وَسكت الْبَاقُونَ فَلم يظهروا خلافًا فَأَما أَن يعلم أَن سكوتهم سكُوت رَاض يكون ذَلِك القَوْل قولا لَهُ أَو لَا يعلم ذَلِك من حَالهم فان علم ذَلِك كَانَ إِجْمَاعًا لأَنهم لَو قَالُوا قد رَضِينَا بِهَذَا القَوْل وَنحن معتقدون لَهُ كَانَ

الصفحة 65