كتاب المعتمد في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

إِجْمَاعًا فاذا علمنَا ذَلِك ضَرُورَة فيهم على قَول من يجوز وُقُوع الْعلم بالمذاهب باضطرار كَانَ آكِد وَإِن لم نعلم باضطرار أَنهم رَضوا بذلك القَوْل قولا لَهُم فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون من مسَائِل الِاجْتِهَاد أَو لَا يكون من مسَائِل الِاجْتِهَاد فان لم يكن من مسَائِل الِاجْتِهَاد فإمَّا أَن يكون على النَّاس فِيهِ تَكْلِيف أَو لَا يكون عَلَيْهِم فِيهِ تَكْلِيف فَإِن لم يكن عَلَيْهِم فِيهِ تَكْلِيف كالقول بِأَن عمارا أفضل من حُذَيْفَة رَضِي الله عَنْهُمَا جَازَ أَن يكون خطأ لَا يلْزم البَاقِينَ إِنْكَاره لِأَنَّهُ إِنَّمَا يلْزمهُم إِنْكَاره إِذا علمُوا أَنه مُنكر فاذا لم يلْزمهُم النّظر فِي كَونه مُنْكرا جَازَ أَن لَا ينْظرُوا فِيهِ فَلَا يعلمُونَ أَنه مُنكر فَلَا يلْزمهُم إِنْكَاره وَلَيْسَ بممتنع أَن يتطابقوا على ترك إِنْكَار مَا لَا يجب إِنْكَاره أَلا ترى أَنهم لَو سمعُوا من يخبر بِأَن زيدا فِي الدَّار لم يلْزمهُم أَن ينْظرُوا هَل أخبر عَن ثِقَة أَو على حسب ظَنّه أَو أخبر قطعا وَهُوَ لَا يَأْمَن كَونه كَاذِبًا وَإِذا لم يلْزمهُم ذَلِك لم يجب الْإِنْكَار عَلَيْهِم وَإِن كَانَ على النَّاس فِي الْمَسْأَلَة تَكْلِيف فانه إِذا لم يُنكر الْبَاقُونَ ذَلِك القَوْل يكون صَوَابا لِأَنَّهُ لَو كَانَ خطأ لكانوا قد تطابقوا على ترك مَا يجب عَلَيْهِم من إِنْكَار الْمُنكر وَإِذا كَانَ ذَلِك القَوْل صَوَابا فخلافه خطأ لِأَن الْمَسْأَلَة مِمَّا ألحق فِي وَاحِد مِنْهُ
فَإِن قيل أَيجوزُ مَعَ كَون ذَلِك القَوْل صَوَابا أَن يكون من سكت يتَوَقَّف فِيهِ غير قَائِل بِهِ قيل لَا يجوز ذَلِك لِأَن إطباقهم على ترك الْإِنْكَار يجْرِي مجْرى قَوْلهم إِنَّه لَيْسَ بمنكر فِي الدّلَالَة على أَن ذَلِك القَوْل غير مُنكر وَلَا يجوز أَن يَقُولُوا ذَلِك فَيكون القَوْل غير مُنكر إِلَّا لأَنهم بأجمعهم قَالُوهُ
وَأما إِذا كَانَت الْمَسْأَلَة من مسَائِل الِاجْتِهَاد فالقائلون بِأَن الْحق فِي وَاحِد وَمَا عداهُ يجب تَركه يَقُولُونَ فِي ذَلِك مَا قُلْنَاهُ الْآن فِيمَا لَيْسَ من مسَائِل الِاجْتِهَاد والقائلون بِأَن كل مُجْتَهد مُصِيب اخْتلفُوا فَقَالَ أَبُو عَليّ يكون ذَلِك إِجْمَاعًا إِذا انْتَشَر القَوْل فيهم ثمَّ انقرض الْعَصْر وَقَالَ أَبُو هَاشم لَا يكون إِجْمَاعًا وَلكنه يكون حجَّة وَقَالَ أَبُو عبد الله لَا يكون إِجْمَاعًا وَلَا حجَّة

الصفحة 66