كتاب عقود الزبرجد على مسند الإمام أحمد (اسم الجزء: 2)
607 - حديث: "من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته".
قال الشيخ أكمل الدين في "شرح المشارق": يحتاج فيه إلى بيان معنى كان، لأنه يأتي لتقرير الاسم على صفة الخبر في الزمان الماضي إما دائمًا كقوله تعالى: (وكان الله بكل شيء عليمًا) [الأحزاب: 40] أو منقطعًا نحو: كان زيد قائمًا.
ويأتي بمعنى المصدر أي بمعنى صار كقوله تعالى: (وكان من الكافرين) [ص: 74]، ويأتي فيه ضمير الشأن نحو: كان زيد منطلق، أي: كان الشأن زيد منطلق. وتأتي زائدة كقولك: إنّ من أفضلهم كان زيدًا، وتأتي تامة كقوله تعالى: (وإن كان ذو عسرة) [البقرة: 280].
وإذا عرف هذا فلا شك أنّ (كان) في الحديث لا يصحّ أن تكون زائدة، ولا أن يكون فيه ضمير الشأن، ولا أن تكون بمعنى (صار)، فبقي أن تكون إمّا تامّة، وإمّا لتقرير الاسم على صفة الخبر، والثاني لا يصح على تقدير الدوام، إذ ليس معناه أنّ من كان في الزمن الماضي في حاجة أخيه دائمًا لا ينقطع كان الله في حاجته، ولا على تقدير الانقطاع، إذ ليس معناه: من كان في حاجة أخيه في الزمان الماضي، وانقطع عن ذلك كان كذا. فتعيّن أن تكون تامّة، أي من وجد في حاجة أخيه.
لكن (كان) التامة تقتضي جواز السكوت على اسمه وهنا لو سكتّ على قوله (من كان) لا يصحّ، ولو صحّ فيه لم يصحّ: وجد الله في حاجته.
والذي يظهر أن (كان) الأولى المراد بها السعي، لأن السعي في الحاجة تقتضي الكون فيها ظرفية مجازية، وبالعكس فيكون ذكر اللازم وإرادة الملزوم، وهو كناية.
الصفحة 38
525