كتاب عقود الزبرجد على مسند الإمام أحمد (اسم الجزء: 2)

المصدر المسمى بالمفعول المطلق: أن يكون اسمًا لما دل عليه فعل الافعل المذكور. وهذا كذلك، لأنه بناء على أن الخلق هو المخلوق، فلا فرق بين قولك: خلق الله خلقًا، وبين قولك: (خلق الله السموات) إلا ما في الأول من الإطلاق، وفي الثاني من التخصيص، فهو مثل قولك: قعدت قعودًا، وقعدت القرفصاء، فإن أحدهما للتأكيد، والثاني لبيان النوع، وإن استويا في حقيقة المصدرية، وهذا أمر مقطوع به، بعد إثبات أن المخلوق هو الخلق.
ومن قال: إن المخلوق غير الخلق، وإنما هو متعلق الخلق، وجب أن يقول: إن (السموات) مفعول به، مثله في قولك: ضربت زيدًا، ولكنه غير مستقيم، لأنه لا يستقيم أن يكون المخلوق متعلق الخلق، لأنه لو كان متعلقًا له، لم يخل أن يكون المتعلق قديمًا أو مخلوقًا، فإن كان مخلوقًا تسلسل وكان باطلاً، وإن كان قديمًا فباطل، لأنه لم يجب أن يكون متعلقه معه، إذ خلق ولا مخلوق محال، فيؤدي إلى أن تكون المخلوقات أزلية، وهو باطل، فصار القول بأن الخلق غير المخلوق يلزم منه محال، وإذا كان اللازم محالاً فملزومه كذلك، فثبت أن الخلق هو المخلوق.
وإنما جاء الوهم لهذه الطائفة من جهة أنهم لم يعهدوا في الشاهد مصدرًا إلا وهو غير جسم، فتوهموا أنه لا مصدر إلا كذلك، فلما جاءت هذه أجسامًا، استبعدوا مصدريتها لذلك، ورأوا تعلق الفعل فحملوه على المفعول به.
ولو نظروا حق النظر لعلموا أن الله تعالى يفعل الأجسام، كما يفعل الأعراض،

الصفحة 451