كتاب عقود الزبرجد على مسند الإمام أحمد (اسم الجزء: 2)

قوله: (فتمسّه النار)، منصوب على معنى نفي اجتماع موت الثلاثة ومس النار. وهو كقولك ما تأتينا فتحدثنا وله أربعة معان: معنيان يجب فيهما النصب، وآخران يجب فيهما الرفع.
فالأول من وجهي النصب: نفي الحديث لانتفاء الإتيان الذي هو سببه، ولا يجوز تقدير هذا الوجه هنا وإلا كان موت الأولاد سببًا لمس النار كقوله تعالى: (لا يقضى عليهم فيموتوا) [فاطر: 36]، لأن القضاء عليهم سبب الموت.
الثاني من وجهي النصب: أن لا يجتمع أن يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد وتمسه النار.
فإذا مات له ثلاثة من الولد، لزم أن لا تمسه النار فوجب أن يدخل الجنة، لأنه لا بد بعد الموت من الجنة أو النار، والأول من وجهي الرفع نفي كل واحد من الاثنين، والحديث نفي الأول وإثبات الثاني، أي: فأنت تحدثنا كقوله:
ألم تسأل الربع القواء فينطقُ
أي: فهو ينطق.
إذا عرفت هذا، علمت أن الرفع لا يجوز في الحديث بحال إفساد المعنى على كل من الوجهين، وأن النصب مختص بالمعنى الثاني، وإلا كان صلى الله عليه وسلم نافيًا لأن يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد وهو باطل.
قال: وقوله: (إلا تحلةَ القسم) في نصبه وجهان:

الصفحة 514