كتاب التفسير البياني للقرآن الكريم (اسم الجزء: 2)

وكذلك رفض مذهب الزمخشري في جعل {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} جواباً لشرط {إِنْ كَذَّبَ} محتكماً في رفضه إلى القاعدة النحوية التي تقرر اقتران جواب الشرط بالفاء، قال: "وأما تجويز الزمخشري وقوع الاستفهام جواباً بغير فاء، فلا أعلم أحداً أجازه. بل نصوا على وجوب الفاء في كل ما اقتضى طلباً بوجه ما، ولا يجوز حذفها إلا في ضرورة شعرية".
ونحتكم إلى البيان القرآني فيما اختلفوا فيه، فتلقانا ظاهرة أسلوبية لافتة إلى أن القرآن قلما يتعلق بذكر مفعول ثان، في الأسلوب الاستفهامي بـ {أَرَأَيْتَ} خطاباص للمفرد، أو {أَرَأَيْتَم} خطاباً للجمع. وإنما يستغنى عن هذا المفعول، بتقرير يلفت إلى موضع العبرة والنذير، كما في آيات:
{أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ} .
(الماعون)
{أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (77) أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا}
(مريم 77، 78)
{أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا}
(الفرقان 43)
{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ}
(الجاثية 23)
{أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (33) وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى (34) أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى (35) أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (36) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37) أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}
(النجم 33 - 38)
وكلها آيات مكيات. ةة

الصفحة 28