كتاب التفسير البياني للقرآن الكريم (اسم الجزء: 2)

وواضح أن النادى أطلق في الآية، مراداً به الجمع الذين يدعوهم هذا الضال المغرور، وهو مظنه أن يؤازروه وينصروه. لكن ماذا عسى أن يملكوت جميعاً له تجاه الزبانية يدعوها الخالق القاهر، لتعذيب هذا المفتون؟
{فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} .
وقد اختلف اللغويون في لفظ الزبانية، فقيل إنه جمع لا واحد له. وقال أبو عبيدة: واحده زبنية، وقال الكسائي، واحده زبنى، وكأنه نسب إلى الزبن، كالإنسي نسبة إلى الأنس. وقال الأخفش. واحد الزبانية زابن، اسم فاعل من زبن، بمعنى اشتد بطشه، ومنه قول الشاعر:
ومستعجب مما يرى من أناتنا ولو زينته الحرب لم يترمرم
وقول "عتبة بن أبي سفيان، وإلى مصر لمعاوية": "وقد زبنتنا الحرب وزبناها....".
وأيا ما كان أصل الكلمة، فالعربية قد أطلقت الزبانية على مردة الإنس والجن.
وفي المادة: زبانيا العقرب أي قرناها، وفيهما السم الزعاف.
ونقلت الزبانية إلى المصطلح الديني علماً على الملائكة والموكلين بعذاب الخاطئين في جهنم. وبه تفهم آية العلق، في الزبانية يدعوها الخالق ويكل إليها أمر تعذيب هذا الضال المغتر بجاهه وقوته، المدل بناديه.
ولم تحدد الآية صنيع الزبانية، بل تركته على إطلاقه الرهيب، يذهب فيه التصور كل مذهب.
* * *
{كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} .
قال المفسرون إن هاء الضمير في {لَا تُطِعْهُ} لأبي جهل بن هشام.
وظاهر السياق عود الضمير على الذي {كَذَّبَ وَتَوَلَّى} وكذلك الضماءر في الآيتين قبلها: {كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ} ، {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ} .

الصفحة 33