كتاب التفسير البياني للقرآن الكريم (اسم الجزء: 2)

وهماز: صيغة مبالغة من الهامز. نقل الإمام الطبري من أقوالهم في تأويلها:
* أنه الذي يهمز الناس ويضربهم بيده، لا باللسان.
* وقيل هو المغتاب يطعن في أعراض الناس بما يكرهون.
وقال الزمخشري في الكشاف: هماز، عياب طعان، وعن الحسن: يلوى شدقيه في أقفية الناس.
ويأتي في تفسيرنا لسورة الهمزة، بعد، استقراء كامل لمواضع استعمال القرآن للهمز واللمز، وتدبر لسياق الآيات فيهما. وهو يهدى إلى أن الهمز الطعن والتجريح في الغيبة، أما اللمز فيكون مواجهة صريحة.
والنميمة: الإيقاع بين الناس قصد الفتنة والتوريش بينهم بما يلقى العداوة والبغضاء. وأصل النم في العربية: وسواس همس الكلام وأثر الريح في التراب. ومنه جاءت النمنمة لنقش الكتابة وزخرفتها. وأحسبه نقل إلى دلالته المجازية على الإيقاع والتوريش والفتنة، بملحظ من اعتماد النميمة عادة، على زخرف القول والوسوسة به همساً، للإيقاع.
وبهذا الحس الأصيل للنميمة، نفهم {مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ} في الآية، دون تقييد لنميم بمن ينقل حديث الناس بعضهم إلى بعض، أو المشي بينهم بالكذب كما نقل "الإمام الطبري" في تفسيره. بل نؤثر إطلاقه، كي يدخل فيه كل سعي بين الناس بالشر: بكذب القول أو صدقة، بنقل حديث بعضهم إلى بعض، أو إهاجة أحقاد بينهم وإيقاظ فتنة نائمة.....
ومناع للخير: مبالغة من مانع. وظاهر السياق أن المراد بالخير عمومه المطلق نقيضاً للشر، دون تحديد له بمنع المال الذي ألفت العربية أن تعبر عنه بالشح. والخير كما يكون ببذل الما، يكون بالتراحم والدعوة إلى عمل صالح، والتواصي بالحق، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.....
وفي تفسير آية الضحى {وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى} - بالجزء الأول - تدبر لآيات الخير في القرآن الكريم، هدى إلى أنه قلما يستعمله بمعناه المادي في بذل

الصفحة 57