كتاب التفسير البياني للقرآن الكريم (اسم الجزء: 2)

ثم يعيطيهما السياق القرآني ملحظاً من رهبة الزجر في قسوة الأخذ بآية الدخان، ومن الضعة والخسة واللؤم، في عتل زنيم، بآية القلم، بعد وصفه بأنه:
{حَلَّافٍ مَهِينٍ (10) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ} .
أما {زَنِيمٍ} فلم تأت مادة ولا صيغة، إلا في آية القلم. ومن معانيها في اللغة: اللئيم المعروف بلؤمه وشره. ومنه قيل للدعي المستلحق بقوم ليس منهم، زنيم. وربما كان فيه أيضاً ملحظ من لالة الزنمة، وهي شيء يقطع من أذن البعير فيترك معلقاً. قاله "الراغب".
وقد فسرها ابن عباس، في مسائل ابن الأزرق، بولد الزنا، واستشهد له بقول الشاعر:
*زنيم تداعاه الرجال زيادة*
ونقل فيه "الطبري" معنى الفاحش اللئيم، والملصق بالقوم وليس منهم، واستشهد له بقول حسان:
*وأنت زنيم نيط في آل هاشم*
وقول آخر:
زنيم ليس يعرف من أبوه بغى الأم ذو حسب زنيم
وخصه قوم، منهم الزمخشري في (الكشاف) "بالوليد بن المغيرة المخزومي، كان دعياً في قريش، ادعاه أبوه بعد ثماني عشرة سنة" مع كلام طويل في الزنا وخبث النطفة. ونقله "أبو حيان" ومعه: أن الوليد كان له ستة أصابع في يده. فكأنها الزنمة. ثم علق قائلاً: "والذي يظهر أن هذه الأوصاف ليست لمعين، وإنما تصدق على عامة من يتصف بها".
ونضيف: إن لفظ {كُلَّ} في صدر هذه الأوصاف: {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ

الصفحة 59