كتاب التفسير البياني للقرآن الكريم (اسم الجزء: 2)

مَهِينٍ} يخرج بها من الخصوص إلى العموم المستفاد صراحة من {كُلَّ} .
وتفسيره بالفاحش اللئيم، أولى من تفسيره بولد الزنا: فالقرآن الكريم في محقه للزنا، إنما يقصر اللعنة على الزاني والزانية، لا على أولادهما. والعربية حين استعملت الزنين لولد الزنا، لحظت فيه معنى لؤم الأصل وخبث المنبت.
{أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ} .
واضح أن فتنة المال وجاه العدد، كانا مدعاة الشر والأثرة والغلظة والبغي. لكن من المفسرين من ربط الآية بالخطاب في صدر الآيات قبلها {وَلَا تُطِعْ} قالوا: "كأنه نهاه أن يطيعه من أجل أنه ذو مال وبنين".
وإليه ذهب الزمخشري فتأوله: ولا تطعه مع هذه المثالب، لأن كان ذا مال وبنين.
وهذا تأول بعيد ينبو عنه الحس، فما كان - صلى الله عليه وسلم -، في عظمة خلقه وكرم سجاياه وشرف نبوته، مظنه أن يطيع {كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} من أجل أنه ذو مال وبنين!
وإنما النهي عن طاعة المكذبين وكل حلاف لئيم، فيما يعرضون من مساومات، والحنث في الإيمان دأبهم وعادتهم، وتحذير المصطفى عليه الصلاة والسلام، من أن يؤخذ بما قد يبدون من إدهان، احتيالاً على الموقف الصعب، وقصد الفتنة والشر، مستظهرين بما لهم من مال وبنين.
* * *
{إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} .
جحداً لنبوة المصطفى عليه الصلاة والسلام، وتكذيباً بآيات الله تعالى، وإمعاناً في البغي والإثم والتجبر والضلال.
{سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ} .
الآية على وجه الوعيد بالإذلال والإهانة والتحقير، صدعاً لكبرياء المغتر بماله وبنيه.
والسمة العلامة، والوسم علامة يعرف بها الموسوم. ولعل أصل استعماله اللغوي

الصفحة 60