كتاب التفسير البياني للقرآن الكريم (اسم الجزء: 2)

وأحراهم؟ أم لهم أيمان وعهود موثقة على الله سبحانه، بالغة إلى يوم القيامة، إن لهم ما يحكمون؟
أي غرور غرهم بالخالق، أن يبقى عليهم ما آتاهم من نعمة يبتليهم بها فكفروا وجحدوا؟ وأي وهم تورطوا فيه، أنهم ما أوتوا الجاه والمال والبنين إلا لكونهم أهلاً للإكرام؟
{فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ} .
ثم يتجه الخطاب إلى المصطفى - صلى الله عليه وسلم -:
{سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ} .
بضمن أن لهم إلى يوم القيامة ما يحكمون؟
وتمضي كل هذه الأسئلة لا تنتظر جواباً، وإنما حسب القرآن الكريم أن يواجههم بها على هذا الأسلوب البياني، غضاً من شأنهم وصدعاً لغرورهم وتحقيراً لكبرهم. وعدم انتظار الجواب عنها، فيه تعجيز لهم وإفحام، وفيهه كذلك عبرة بالغة لكل ذي سمع وبصر.
* * *
ويبدو لي، والله أعلم أن الأمر بالإتيان في الآية:
{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ} .
يتعلق به ظرف الزمان في الآية بعدها:
{يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (42) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ} .
أي: فليأتوا بشركائهم، إن كانوا صادقين، يوم يكشف عن ساق....
نذيراً صادعاً ووعيداً رادعاً.....
ومن أغبر ما روى في تأويل {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} أنها ساق الرحمن!
نقل "الطبري" في ذلك حديث أبي الزعراء عن عبد الله (بن مسعود) : "يتمثل الله للخلق يوم القيامة حتى يمر المسلمون، فيقول: من تعبدون؟ فيقولون: نعبد الله

الصفحة 67