كتاب التفسير البياني للقرآن الكريم (اسم الجزء: 2)

لا نشرك به شيئاً.... فيقول: هل تعرفون ربكم؟ فيقولون: سبحانه إذا اعترف إلينا عرفناه. قال فعند ذلك يكشف عن ساق فلا يبقى مؤمن إلا خر ساجداً، ويبقى المنافقون ظهورهم طبق واحد كأنما فيها السفافيد، فيقولون: ربنا! فيقول، سبحانه: قد كنتم تدعون إلى السجود وأنتم سالمون".
ونقل "الزمخشري" من حديث ابن مسعود: "يكشف الرحمن عن ساقه فأما المؤمنون فيخرون سجداً، وأما المنافقون فتكون ظهورهم طبقاً واحداً كأن فيها سفافيد"
وقد تعلقت المشبهة بهذا التأويل، فهل أعوزهم من بيان العربية أنها ألفت مثل هذا الاستعمال المجازي: الكشف عن الساق، أو التشمير عنها، كناية عن التأهب والفزع وقت الشدة والحرب؟ قال الشاعر:
كشفت لهم عن ساقها وبدا من الشر البوارح
وقال حاتم الطائي:
أخو الحرب إن غضت به الحرب عضها وإن شمرت عن ساقها الحرب شمرا
وقال ابن قيس الرقيات:
تذهل الشيخ عن بنيه وتبدى عن خدام العقيلة العذراء
وقال الراجز:
قد شمرت عن ساقها فشدوا
وجدت الحرب بكم فجدوا
وأي شدة أفظع هولاً على الكافرين من يوم الحساب، حين يدعون إلى السجود تعجيزاً وتحسيراً وتقريعاً قد فاتت: أضاعوها ظلماً وبغياً حين كانوا يدعون في حياتهم الدنيا إلى السجود وهو سالمون قادرون؟
ولا ضرورة لأن يحمل عجزهم عن السجود في الآخرة، على العجز الجسدي

الصفحة 68