كتاب الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي (اسم الجزء: 2)
§بَابُ الْبَيَانِ وَالتَّعْرِيفِ لِفَضْلِ الْجَمْعِ وَالتَّصْنِيفِ
1852 - حَدَّثَنِي أَبُو الْقَاسِمِ الْأَزْهَرِيُّ، نا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ التَّمَّارُ نا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ أَبُو نَصْرٍ الْمَالِكِيُّ، قَدِمَ عَلَيْنَا نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْبُخَارِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مَنْصُورٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَرْوَزِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْخَلَّالَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ، يَقُولُ: «§صَنَّفْتُ مِنْ أَلْفِ جُزْءٍ جُزْءًا» وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «مَنْ نَظَرَ فِي الدَّفَاتِرِ فَلَمْ يُفْلِحْ فَلَا أَفْلَحَ هُوَ أَبَدًا» قَلَّ مَا يَتَمَهَّرُ فِي عِلْمِ الْحَدِيثِ وَيَقِفُ عَلَى غَوَامِضِهِ وَيَسْتَثِيرُ الْخَفِيَّ مِنْ فَوَائِدِهِ إِلَّا مَنْ جَمَعَ مُتَفَرِّقَهُ وَأَلَّفَ مُتَشَتِّتَهُ وَضَمَّ بَعْضَهُ إِلَى بَعْضٍ وَاشْتَغَلَ بِتَصْنِيفِ أَبْوَابِهِ وَتَرْتِيبِ أَصْنَافِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ مِمَّا يُقَوِّي النَّفْسَ وَيُثَبِّتُ الْحِفْظَ وَيُذَكِّي الْقَلْبَ وَيَشْحَذُ الطَّبْعَ وَيَبْسُطُ اللِّسَانَ وَيُجِيدُ الْبَيَانَ وَيَكْشِفُ الْمُشْتَبِهَ وَيُوَضِّحُ الْمُلْتَبِسَ وَيُكْسَبُ أَيْضًا جَمِيلَ الذِّكْرِ وَتَخْلِيدَهُ إِلَى آخِرِ الدَّهْرِ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ: يَمُوتُ قَوْمٌ فَيُحْيِي الْعِلْمُ ذِكْرَهُمُ وَالْجَهْلُ يُلْحِقُ أَمْوَاتًا بِأَمْوَاتِ
1854 - أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْفَوَارِسِ، أنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، نا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدِّمَشْقِيُّ، قَالَ: قَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُعْتَزِّ: §«عِلْمُ الْإِنْسَانِ وَلَدُهُ الْمُخَلَّدُ»
1855 - أَنْشَدَنِي عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْأُرْمَوِيُّ لِأَبِي الْفَتْحِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبُسْتِيِّ:
[البحر الطويل]
§يَقُولُونَ: ذِكْرُ الْمَرْءِ يَبْقَى بِنَسْلِهِ ... وَلَيْسَ لَهُ ذِكْرٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ نَسْلُ
فَقُلْتُ لَهُمْ: نَسْلِي بَدَائِعُ حِكْمَتِي ... فَمَنْ سَرَّهُ نَسْلٌ فَإِنَّا بِذَا نَسْلُو"
-[281]-
وَلَمْ يَكُنِ الْعِلْمُ مُدَوَّنًا أَصْنَافًا وَلَا مُؤَلَّفًا كُتُبًا وَأَبْوَابًا فِي زَمَنِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ مَنْ بَعْدَهُمْ ثُمَّ حَذَا الْمُتَأَخِّرُونَ فِيهِ حَذْوَهُمْ وَاخْتُلِفَ فِي الْمُبْتَدِئِ بِتَصَانِيفِ الْكُتُبِ وَالسَّابِقِ إِلَى ذَلِكَ فَقِيلَ: هُوَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ وَقِيلَ: هُوَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْجٍ
الصفحة 280