كتاب الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي (اسم الجزء: 2)
1861 - وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصُّرِّيُّ، قَالَ: §" رَأَيْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدَ الْغَنِيِّ بْنَ سَعِيدٍ الْحَافِظَ فِي الْمَنَامِ فِي سَنَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ فَقَالَ لِي: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ خَرِّجْ وَصَنِّفْ قَبْلَ أَنْ يُحَالَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ هَذَا أَنَا تَرَانِي قَدْ حِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَ ذَلِكَ ثُمَّ انْتَبَهْتُ " وَلَا يَضَعُ مِنْ يَدِهِ شَيْئًا مِنْ تَصَانِيفِهِ إِلَّا بَعْدَ تَهْذِيبِهِ وَتَحْرِيرِهِ وَإِعَادَةِ تَدَبُّرِهِ وَتَكْرِيرِهِ
1862 - فَقَدْ أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْفَوَارِسِ، أنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، نا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُعْتَزِّ: §«لَحْظَةُ الْقَلْبِ أَسْرَعُ خَطْرَةً مِنْ لَحْظَةِ الْعَيْنِ وَأَبْعَدُ غَايَةً وَأَوْسَعُ مَجَالًا فَهِيَ الْغَائِصَةُ فِي أَعْمَاقِ أَوْدِيَةِ الْفِكْرِ وَالْمُتَأَمِّلَةُ لِوُجُوهِ الْعَوَاقِبِ وَالْجَامِعَةُ بَيْنَ مَا غَابَ وَحَضَرَ وَالْمِيزَانُ الشَّاهِدُ عَلَى مَا نَفَعَ وَضَرَّ، وَالْقَلْبُ كَالْمُمِلِّ لِلْكَلَامِ عَلَى اللِّسَانِ إِذَا نَطَقَ وَالْيَدُ إِذَا كَتَبَتْ فَالْعَاقِلُ يَكْسُو الْمَعَانِيَ وَشْيَ الْكَلَامِ فِي قَلْبِهِ ثُمَّ يُبْدِيهَا فَأَلْفَاظُهُ كَوَاسٍ فِي أَحْسَنِ زِينَةٍ، وَالْجَاهِلُ يَسْتَعْجِلُ بِإِظْهَارِ الْمَعَانِي قَبْلَ الْعِنَايَةِ بِتَزْيِينِ مَعَارِضِهَا وَاسْتِكْمَالِ مَحَاسِنِهَا»
1863 - أنا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْهَمَذَانِيُّ، نا صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَافِظُ، قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ هِلَالَ بْنَ الْعَلَاءِ، يَقُولُ: §«يُسْتَدَلُّ عَلَى عَقْلِ الرَّجُلِ بَعْدَ مَوْتِهِ بِكُتُبٍ صَنَّفَهَا وَشِعْرٍ قَالَهُ وَكِتَابٍ أَنْشَأَهُ»
1864 - أنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ الْقَطِيعِيُّ، نا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ الْعَسْكَرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَانَ الْقَاضِي، يَقُولُ: سَمِعْتُ نَصْرَ بْنَ عَلِيٍّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الْأَصْمَعِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرِو بْنَ الْعَلَاءِ، يَقُولُ: §«الْإِنْسَانُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ عَقْلِهِ وَفِي سَلَامَةٍ مِنْ أَفْوَاهِ النَّاسِ مَا لَمْ يَضَعْ كِتَابًا أَوْ يَقُلْ شِعْرًا» قَالَ الْعَسْكَرِيُّ: وَأَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ قَالَ الْعَتَّابِيُّ: «مَنْ صَنَعَ كِتَابًا فَقَدِ اسْتَشْرَفَ لِلْمَدْحِ وَالذَّمِّ، فَإِنْ أَحْسَنَ فَقَدِ اسْتُهْدِفَ لِلْحَسَدِ وَالْغِيبَةِ، وَإِنْ أَسَاءَ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِلشَّتْمِ وَاسْتُقْذِفَ بِكُلِّ لِسَانٍ»
الصفحة 283