كتاب تفسير الثعلبي = الكشف والبيان عن تفسير القرآن (اسم الجزء: 2)

واحد لاختلاف اللفظين كقول الحطيئة:
ألا حبّذا هند وأرض بها هند ... وهند أتى من دونها النأي والبعد
وجمع الصلوات لأنّه عنى بها إنّها رحمة بعد رحمة.
وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ إلى الاسترجاع، وقيل: إلى الجنّة والثواب.
وقيل: إلى الحقّ والصّواب وكان عمر بن الخطاب إذا قرأ هذه الآية قال: نعم العدلان ونعم العلاوة.

[سورة البقرة (2) : الآيات 158 الى 162]
إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ (158) إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ (159) إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (161) خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (162)
إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ الصفا جمع الصّفاة وهي الصخرة الصلبة الملساء، قال امرؤ القيس:
لها كفل كصفا المسيل ... أبرز عنها جحاف مضر «1»
يقال: صفاة وصفا مثل حصاة وحصا وقطاة وقطا ونواة ونوى، وقيل: إن الصّفا واحد وتثنيته صفوان مثل عصا وعصوان وجمعه أصفاء مثل رجا وأرجاء، وصفا وصفي مثل عصا وعصي، قال الراجز:
كأن متنيه من النفي ... مواقع الطير على الصّفي «2»
والمروة من الحجارة ما لان وصغر. قال أبو ذؤيب الهذلي:
حتّى كأنّي للحوادث مروة ... بصفا المشرق كل يوم تقرع
أي صخرة رخوة صغيرة، وجمع المروة مروان وجمعها للكبير مرو مثل ثمرة وثمرات وثمر وحمرة وحمرات وحمرا. قال الأعشى ميمون بن قيس يصف ناقته:
وترى الأرض خفا زائلا ... فإذا ما صادف المرو رضخ «3»
وإنّما عنى الله تعالى بهما الجبلين المعروفين بمكّة دون سائر الصّفا والمروة فلذلك أدخل
__________
(1) مجمع البيان للطبري: 1/ 438.
(2) تفسير الطبري: 2/ 59.
(3) المصدر السابق: 2/ 60.

الصفحة 24