كتاب تفسير الثعلبي = الكشف والبيان عن تفسير القرآن (اسم الجزء: 2)

مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ الفصل بين الحقّ والباطل.
سعيد بن المسيّب عن سلمان قال: خطبنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في آخر يوم من شعبان فقال: «يا أيّها النّاس قد أظلكم شهر عظيم، وشهر مبارك، وشهر فيه ليلة خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوّعا، من تقرّب فيه بخصلة من خصال الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدّى فيه فريضة كان كمن أدّى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر الصّبر والصّبر ثوابه الجنّة، وشهر المواساة، وشهر يزاد فيه رزق المؤمن، شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النّار، من فطّر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النّار، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء. قالوا: يا رسول الله ليس كلّنا يجد ما يفطّر الصّائم. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يعطي الله هذا الثّواب، من فطّر صائما على مذقة لبن أو تمر أو شربة ماء، ومن أشبع فيه صائما سقاه الله تعالى من حوضي شربة لا يظمأ حتّى يدخل الجنّة، وكان كمن أعتق رقبة، ومن خفّف عن مملوكه فيه غفر الله له وأعتقه من النّار، فاستكثروا فيه من أربع خصال: خصلتان ترضون بها ربّكم، وخصلتان لا غنى عنهما: فأمّا الخصلتان اللتان ترضون بها ربّكم فشهادة أن لا إله إلّا الله وتستغفرونه، وأمّا التي لا غنى بكم عنها فتسألون الله عزّ وجلّ وتعوذون به من النّار» [42] «1» .
وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ أبواب السّماء وأبواب الجنّة لتفتح لأوّل ليلة من شهر رمضان، فلا تغلق إلى آخر ليلة منها، وليس لعبد يصلّي في ليلة منها إلّا كتب الله عزّ وجلّ بكل سجدة الفا وسبعمائة حسنة، وبنى له بيتا في الجنّة من ياقوتة حمراء لها سبعون ألف باب لكلّ باب منها مصراعان من ذهب موشّح من ياقوتة حمراء، فإذا صام أوّل يوم من شهر رمضان غفر الله له كلّ ذنب إلى آخر يوم من رمضان وكان كفّارة إلى مثلها، وكان له بكلّ يوم يصومه قصر في الجنّة له ألف باب من ذهب، واستغفر له سبعون ألف ملك من غدوة إلى أن توارت بالحجاب، وكان له بكلّ سجدة يسجدها من ليل أو نهار شجرة يسير الراكب في ظلّها مائة عام لا يقطعها» [43] «2» .
محمّد بن يونس الحارثي عن قتادة عن أنس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا كان أوّل ليلة من شهر رمضان نادى الجليل جلّت عظمته رضوان خازن الجنان فيقول: لبّيك وسعديك فيقول:
جدّد جنّتي وزينها من أمّة أحمد ثمّ لا تغلقها عليهم حتّى ينقضي شهرهم، ثمّ ينادي مالكا خازن النّار: أن يا مالك، فيقول: لبّيك ربي وسعديك فيقول: أغلق أبواب الجحيم عن الصّائمين من امّة أحمد ثمّ لا تفتحها عليهم حتّى ينقضي شهرهم ثمّ ينادي جبرئيل فيقول: لبّيك ربي وسعديك
__________
(1) كنز العمال: 8/ 477 ح 33714، والدر المنثور: 1/ 184.
(2) كنز العمال: 8/ 471 ح 23706، والدر المنثور: 1/ 186.

الصفحة 69